اقترح السيد عبد القادر الزقلي الرئيس الأول لدائرة المحاسبات أن يقع اعتماد تسمية محكمة المحاسبات عوضا عن دائرة المحاسبات تعزيزا للموقع المؤسساتي لهيئة القضاء المالي الذي يقتضي اعتماد تسمية أكثر تلاؤما مع طبيعة أعمالها وخصوصية إجراءاتها والنتائج المترتبة عن تدخلها وهو ما لا تتحمله التسمية الحالية. وقد تولى السيد عبد القادر الزقلي أمس في جلسة استماع بلجنة القضاء العدلي والإداري والمالي والدستوري بالمجلس الوطني التأسيسي تلاوة الفصل المقترح إدراجه بخصوص محكمة المحاسبات بباب السلطة القضائية والذي جاء، على حدّ قوله، نتيجة مسار تشاوري طويل تطلب ثمانية أشهر من العمل الجماعي لكل الفاعلين بدائرة المحاسبات من قضاة ومستشارين وإداريين بجميع تصنيفاتهم الوظيفية.
مسألة داخلية
وجاء في مطلع نص الفصل المقترح أن يقع تسمية دائرة المحاسبات ب محكمة المحاسبات هيئة قضائية مالية مستقلة تمارس رقابة عليا على التصرّف في الأموال العمومية للتأكّد من استجابته لمتطلبات المساءلة والحوكمة الرشيدة. ولا يخفى على الجميع ، كما جاء في كلمة العميد فاضل موسى رئيس اللجنة، أنّ القضاء المالي لدى العامة كما الخاصة اعتبر مسألة إدارية داخلية لا تكاد تكون معروفة لدى الكثير، هذا التمشي لم يعد مسموحا به بعد ثورة 14 جانفي على حدّ قول الرئيس الأول لدائرة المحاسبات، بما أنّ من مقومات الديمقراطية تكريس حقّ المواطن في شفافية التصرّف في الأموال العمومية ونجاعته وفي الإطلاع على مدى استجابة البرامج العمومية للحوكمة الرشيدة التي تقتضي الاقتصاد والنجاعة والفعالية ومساءلة القائمين عليها . ومن هذا المنطلق، وبالرجوع إلى التجارب المقارنة، فإنّ عديد الدول كرّست الصبغة القضائية لمحاكمها المالية وذهبت إلى التنصيص على وظائفها الأساسية صلب الدستور.
الصبغة القضائية
في هذا السياق وبخصوص تموقع دائرة المحاسبات بالدستور الجديد وعلاقتها بالسلط العمومية، أّكد السيد عبد القادر الزقلي على ضرورة تعزيز الصبغة القضائية لهذه الدائرة وإضفاء الطبيعة الدستورية على أبرز ما تقوم به من وظائف ومهام باعتبارها تمثل الهيئة العليا المكلّفة بمراقبة حسن التصرف في الأموال العمومية وبالسهر على دعم مبادئ المساءلة والحوكمة الرشيدة. وبالتالي من الضروري إدراج محكمة المحاسبات ضمن مكونات السلطة القضائية وذلك باقرار صبغتها المالية صراحة صلب الدستور إلى جانب القضاء الدستوري والقضاء العدلي والقضاء الإداري من جهة والتنصيص على المبادئ والضمانات التي تؤكّد على استقلالية محكمة المحاسبات وظيفيا وإداريا وماليا واستقلال قضاتها من جهة أخرى.
الصبغة الدستورية
إلى جانب إضفاء الصبغة القضائية لمحكمة المحاسبات أكد الزقلي على ضرورة تكريس الصبغة الدستورية لوظائفها بما يضمن لها الشرعية والعلويّة وتتمثل هذه الوظائف أساسا الرقابة القضائية والرقابة على التصرّف في الأموال العمومية . كما اعتبر الرئيس الأول لدائرة المحاسبات أن تموقع هذه الدائرة بالدستور الجديد يأتي من خلال ضمان استقلالية محكمة المحاسبات العضوية التي تتعلق بالمجلس الأعلى والرئيس الأول والأعضاء، إلى جانب الإستقلالية المالية والوظيفية.