أثارت الفيضانات الأخيرة مخاوف العديد من المواطنين بخصوص مدى تأثيرها على المياه الصالحة للشراب لذا اتصلت «الأسبوعي» بالأطراف المعنية. حيث بيّن الهادي بلحاج مدير عام السدود والأشغال المائية الكبرى أن قرابة 34 سدا في طور الاستغلال بطاقة جملية لاستيعاب 2.4مليار متر مكعب وذلكلتخزين المياه توفيرا لحاجيات البلاد. واضاف أن هناك 3 سدود لها دور اضافي ففضلا عن عملية التخزين لها دور الحماية، هذه السدود هي سد ملاق، سد سيدي سالم وسد سيدي سعد. كما أوضح بلحاج أنه مع بداية الموسم الفلاحي كانت هناك 7 سدود فارغة تماما خصوصا بعدما عاشته بلادنا السنة الماضية من انفلات في استعمال الماء بطريقة عشوائية لذا لم تكن الكميات من المياه كافية بالشكل المطلوب وقد وقع تقسيط الماء على الفلاحين خصوصا بالنسبة للزراعات التي تستوجب كميات هامة من الماء.. وبالنسبة للسنة الحالية فقد كانت استثنائية نظرا للكميات الهامة التي فاقت التوقعات كي يتمّ استيعابها من قبل السدود. وعن الوضعية الحالية للسدود بعد الأمطار الأخيرة أكد مدير عام السدود أن المخزون الحالي من الماء يقارب 2 مليار متر مكعب وهو مخزون قادر على تأمين حاجياتنا من الماء لمدة 3 سنوات على الأقل بأريحية كبرى ولا يمثل عائقا للتنمية الفلاحية وكذلك لتخفيف سلبيات مشكل الجفاف وذلك بالمحاولة الدائمة لتخزين مياه الفيضانات كي يمكن استغلالها في مدة الجفاف ونقص الأمطار، مضيفا أن السدود وفرت إرادات تناهز 3.4 مليار متر مكعب في الفترة المتراوحة بين 1 سبتمبر و23 مارس ونظرا لأهمية هذا المخزون فقد وقع التخفيض من مستوى المياه إلى حدود 2.8 مليار متر مكعب نحو البحر تجنبا لإمكانية حدوث إرادات جديدة خلال الشهر القادم. وعن مدى تأثير الفيضانات الأخيرة عن مياه السدود أكد محدثنا أن نوعية المياه جيدة جدا ولا يوجد أيّ إشكال بإمكانه أن يؤثر عليها بما أنه تمّ إخراج المياه القديمة ذات نسبة هامة من الملوحة إضافة الى احتوائها على الأعشاب والرواسب والأتربة، وصارت كل الاودية نظيفة مما جعل نوعية مياه السدود تكون مرضية خصوصا بالنسبة لسد سيدي سالم الذي انخفض مستوى ملوحة مياهه من 2.5 غ الى 1غ، مبينا أن الوضعية الإجمالية للسدود من أحسن الوضعيات طيلة 40 أو 50 سنة الفارطة وأن المخزون الحالي من المياه نظيف جدا ولا خوف عليه من التلوث أو الأمراض أو الأوبئة فالمياه سليمة وبالإمكان استغلالها. مياه السدود الملوثة لم يتمّ استغلالها من جهة أخرى ولمعرفة تأثير الفيضانات الأخيرة وما جرفته معها من مواد إلى المياه خصوصا تلك التي يقع استغلالها للشراب اتصلنا بمحمد الحبيب التكاري المدير المركزي للإنتاج بالشركة التونسية لتوزيع المياه الذي أكد أن نسبة التلوث لم تؤثر على المياه المستعملة للشراب بما أن الشركة «صوناد» لم تقم باستغلال تلك النوعية من المياه حيث وقع في تلك الفترة من الفيضانات استغلال مياه السدود الأقل تعكرا والاستغناء عن بعض السدود التي احتوت مياهها هذه المواد على غرار سدّ العروسية الذي هو امتداد لسد سيدي سالم، في المقابل تمّ الاعتماد على سدّ جومين وسجنان وغدير القلة والمرناقية وسد كساب وبني مطير وسد المصري ب»بلي» (الوطن القبلي) مضيفا أنه بداية من يوم 20 مارس عاد سدّ العروسية وسيدي سالم حيز الاستغلال ومن المؤكد فإن مياه السدود التي تستغلها الشركة سليمة وصالحة للاستهلاك. كما أشار إلى أن المياه التي جرفت معها مواد عضوية (أوراق شجر وطين وما الى ذلك من أتربة) تمّ العمل على إزالة كل ما علق بها والقضاء عليه تماما، وتطهيرها عن طريق سكب كميات من ماء الجافال. في ذات السياق أكد محدثنا على أن المتابعة يومية لكميات المياه ونوعيتها وذلك عن طريق تحليل عينات منها والقيام باختبار لمعرفة الكمية اللازمة والواجب إضافتها للمعالجة كي يكون الماء على اثر هذه العملية صالحا للاستهلاك، واضافة الى هذه التحاليل التي تقوم بها مصالح «الصوناد» هناك مراقبة عينية على عين المكان فضلا عن اتباع طريقة أخرى هي عبارة عن «حوت» يتم اعتماده لتحديد حركة المياه فكلما انخفضت سرعة السمك وحركته يقوم هذا النظام بدقّ ناقوس الخطر، فيتم بعث رسائل عبر الهاتف الجوال مفادها وجود تلوث بالمياه. واضافة الى مراقبة «الصوناد» فان وزارة الصحة تعمل هي الأخرى على مراقبة عينة من كميات المياه للتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات.. وأشار محدثنا في نفس السياق أن المواطن له دور هام أيضا في عملية المراقبة فهو يعدّ المراقب الثالث لذا من الواجب عليه أن يتصل بالمصالح المختصة للشركة كلما طرأ تغير على لون أو طعم الماء ليتم رفع عينات لتحليلها والتعرف على الإشكال المسجل. تلوث مياه المواجل والآبار في جانب آخر يخص الشأن الصحي اتصلنا بمحمد الرابحي من إدارة حفظ الصحة حيث بين لنا أن وزارة الصحة تسعى جاهدة لمراقبة المياه التي يتم استغلالها للشرب على مستوى شبكات التوزيع حيث يتم قيس مستوى مادة «الكلور» للتأكد من مدى نجاح عملية تطهير الماء و تتراوح نسبة هذه المادة في الحالات العادية بين 0.3 و0.8 مغ /ل أما في صورة حدوث كارثة طبيعية فالشبكة معرضة إلى التلوث ودخول عديد الاوساخ لذا يسمح هنا بأن تصل كمية «الكلور» الى 1مغ في اللتر الواحد، حيث يعمد المشرفون الى حقن المياه بكميات هامة تفوق المعدل المطلوب مخافة وقوع حالات جرثومية لذا بإمكان هذه الكميات المرتفعة من الكلور ان تشكل مصدر إزعاج بالنسبة للمواطن، كما أكد الرابحي أن هناك مياها ملوثة تتواجد في المواجل والآبار نظرا لاختلاطها مباشرة بمياه الأمطار وهي مياه ملوثة.. وأوصى محدثنا بضرورة توخي الحذر في هذه المسألة مؤكدا أن الامور بدأت تدريجيا تشهد تحسنا ملحوظا لكن لابد من ملازمة اليقظة. في نفس الاطار أكد محدثنا أن الفيضانات الأخيرة نتج عنها ركود مياه وبعض المستنقعات التي شكلت مكانا هاما لتكاثر الحشرات بمختلف أنواعها لذا دعا الأطراف المعنية بضرورة التدخل سريعا بتجفيفها أو ردمها كي لا تكون مصدرا لجحافل الناموس خصوصا ونحن على أبواب فصل الصيف.