تونس الصباح تنعقد في الفترة ما بين 16الى 27 ماي الجاري الدورة 60 لمهرجان «كان» السينمائي الدولي وهي دورة ارادتها ان تكون متميزة واحتفالية على ما يبدو على اعتبار انها الدورة التي بلغت فيها هذه التظاهرة السينمائية الدولية العريقة عقدها السادس. على انه كان الاحتفال منذ عشر سنوات بدورة العقد الخامس (الدورة 50) قد شهدت شكلا من اشكال الاحتفاء بالسينما العربية تحديدا ممثلة في شخص المخرج السينمائي المصري يوسف شاهين الذي منحته ادارة المهرجان بالمناسبة درعها الذهبي تكريما له على مجمل افلامه التي اخرجها على امتداد مسيرته السينمائية فان دورة هذا العام يبدو انها لا حظّ للسينما العربية فيها. فالسينما العربية وعلى عكس الدورة الماضية تبدو غير ممثلة في المسابقة الرسمية للافلام الطويلة ما يعني ان السعفة الذهبية التي لم «تتعرّب» على امتداد تاريخ دورات المهرجان الا في مناسبة واحدة (منتصف سبعينات القرن المنقضي عندما فازشريط المخرج الجزائري الاخضر حامينا «وقائع سنوات الجمر» بالسعفة الذهبية) ستظل مرة اخرى بعيدة المنال عن السينمائيين العرب والافارقة. وماذا عن المشاركة التونسية؟ هذا عن ملامح الحضور السينمائي العربي عموما في دورة هذا العام (الدورة 60) لمهرجان «كان» السينمائي الدولي ولكن ماذا عن الحضور التونسي فيها؟.. لئن اقتصرت غالبا المشاركة التونسية في مختلف دورات مهرجان «كان» السينمائي الدولي على حضور بعض الافلام التونسية في اطار ما يعرف ب«التظاهرات الموازية» مثل تظاهرة «نصف شهر المخرجين» او تظاهرة «نظرة ما» فان هذا الشكل من اشكال الحضور الرسمي والفعلي بالسينما في هذا المهرجان السينمائي الدولي العريق سوف لن يكون متاحا خلال هذه الدورة الجديدة.. ذلك انه لا وجود لاي فيلم تونسي على الاطلاق في قائمة العروض المبرمجة رسميا في اطار مختلف مسابقات وتظاهرات هذه الدورة الجديدة من مهرجان «كان».. حضر الكسكسي وغابت الافلام! غير ان سلطة الاشراف ورغبة منها على ما يبدو في ملء هذا الفراغ سعت في هذه الدورة الى تركيز جناح قار للسينما التونسية في ما يعرف ب«القرية الدولية للمهرجان» وهو جناح تبلغ مساحته 25 مترا مربعا سيكون على امتداد ايام الدورة مسرحا لعديد الانشطة.. ففضلا عن انه سيكون فضاء لعرض اشرطة سينمائية تونسية جديدة وكذلك لعرض ومضات اشهارية حول مختلف اوجه النشاط الاقتصادي في بلادنا فهو سيكون ايضا بمثابة «مركز صحفي» وفضاء استقبال يجمع بين المهنيين التونسيين والزوار بما يتيح للفاعلين الاقتصاديين التونسيين والاستشهاريين القيام بانشطة العلاقات العامة والاتصال والتعريف بمنتوجاتهم وعلاماتهم المسجلة. ايضا ودائما في اطار انشطة هذا الجناح التونسي في اطار «القرية الدولية» لمهرجان «كان» السينمائي سيتم تنظيم سهرة فنية فرجوية خاصة باسم تونس يحتضنها شاطئ المارتنيز وتتخللها مأدبة «كسكسي ضخمة». طبعا، واذ لا بد من للمرء ان يشيد بهذه المبادرة «السياحية» التي ستساعد دونما شك على التعريف ببعض اوجه النشاط السينمائي والاقتصادي في بلادنا فان الأمل يبقى معقودا في ان يكون للسينما التونسية في يوم ما حضور ابداعي مستحقا عن جدارة في مهرجان «كان» السينمائي الدولي وهذا لن يتأتى طبعا الا بان يعمل الجميع على أن يبرز جيل جديد من السينمائيين والسينمائيات في تونس يقطع مع هذا التوجه الغالب منذ اكثر من عقدين في السينما التونسية المؤسس على «اللعب» ثقافيا وسينمائيا على ما يرضي «الآخر» في نظرته «الفلكلورية» الى ثقافتنا ومجتمعنا..