..وأخيرا الحسم بشأن الجناح التونسي بشاطئ الريفيرا يبسط اليوم السجّاد الأحمر بمدينة «كان» الفرنسية أمام نجوم السينما ونجوم المجتمع من مختلف أنحاء العالم الذين يتسابقون من أجل أن ينالهم شرف صعود درجات السلالم الشهيرة المؤدية إلى قصر المسرح الكبير أين ينتظم حفل افتتاح مهرجان كان السينمائي الدولي أمام عدسات المصورين الذين يحلون على عين المكان بالمئات. تجدد اليوم 16 ماي الجاري المدينة الساحليّة المشهورة في فرنسا بفضل الحدث السينمائي الدولي الذي ارتبط اسمها به منذ عشرات السنين العهد مع هذا المهرجان وتعطى إشارة انطلاق الدّورة الخامسة والسّتين لمهرجان «كان» السينمائي الدولي. ومهرجان «كان» ليس مجرّد حدث ثقافي وإنّما لحظة مهمّة في المشهد الفرنسي عامة. تتغيّر السياسات وتتغيّر الوجوه ولكن المهرجان ثابت غير عابئ حتى بالأزمة الإقتصادية الخانقة التي تتعرض لها أوروبا وفرنسا تحديدا. بل يزيد في إغرائه مع الأعوام ويزداد استقطابا للنجوم أي كان مأتاها واختصاصها. ينطلق إذن اليوم مهرجان «كان» السينمائي الدولي في دورته الخامسة والستين محافظا على نفس الطقوس ونفس البهرج والبروتوكول الذي حوله إلى تظاهرة سينمائيّة دوليّة كبرى وذات صيت عالمي. حفل كبير بقصر المسرح الكبير يدعى له نجوم الفن ونجوم المجتمع وعدد من المبجّلين وستتولّى النّجمة الصاعدة «بيرنيس بيجو» بطلة فيلم ذي «أرتيست « الذي توج بخمس أوسكارات ونال الممثّل الفرنسي» جون دي جردان» أوسكار أفضل ممثل ( أفضل دور رجالي ) لأوّل مرّة في تاريخ عاصمة السّينما العالمية هوليود، تنشيط السهرة. اسم كبير يترأس لجنة التحكيم وكعادة المهرجان فإنّ لجنة التحكيم للمسابقة الرسميّة يترأّسها اسم كبير من نجوم السينما في العالم ويتعلّق الأمر هذا العام بالمخرج والممثل الإيطالي « ناني مورّيتي» الذي سبق له وأن فاز بالسعفة الذهبية (الجائزة الكبرى لمهرجان «كان «) إلى جانب عدد كبير من الجوائز الدولية. وتضم لجنة تحكيم الدورة الجديدة للمهرجان اسما عربيا ويتعلق الأمر بالنجمة الفلسطينية هيام عباس وهي ممثلة معروفة خاصة بمشاركاتها في أفلام تجمع بين الممثلين اليهود والفلسطينيين. هيام عباس لها إطلالات في السينما التونسية وهي من بين الوجوه المعتادة في أيام قرطاج السينمائية التي ينتظر أن تنتظم في دورتها الجديدة في الخريف المقبل. تضم لجنة التحكيم كذلك كل من المخرجة أندريا أرنولد والمخرجين ألكسندر باين وراوول باك والممثلتين إيمانيال ديفوس وديان كروجر والمصمم العالمي جون بول غوتيي والممثل إيوان ماككريغور. يتسابق 22 فيلما على جوائز المهرجان وقع اختيارها من مئات الأفلام التي تقدمت للمسابقة وهي أفلام فرنسية وأمريكية وآسيوية. وإذ غابت السينما العربية تماما عن المسابقة الرسمية ونادرا ما نجد فيلما عربيا ممثلا في هذه المسابقة فإنه مقابل ذلك تواصل السينما الإيرانية حضورها في هذا المهرجان ممثلة بالخصوص في فيلم « لايك سيمون إن لوف : مثل سيمون العاشقة « لعباس كيروستامي. وقد سبق لعباس كيروستامي المخرج والمؤلف والمنتج أن شارك في عدة دورات بمهرجان «كان» ونال جائزة السعفة الذهبية عن فيلمه»طعم الكرز» الذي شارك به في المسابقة الرسمية للمهرجان في دورته لسنة 1997 وحاز كيروستامي على عشرات الجوائز في أغلب المهرجانات الدولية كما أنك غالبا ما تصادفه في لجان تحكيم المهرجانات الكبرى في العالم. يضم مهرجان «كان» السينمائي الدولي عدة أقسام رسمية أخرى وهي ذات أهمية كبرى ولا تتاح المشاركة فيها إلا بعد جهد كبير ومن بين هذه الأقسام نذكر « نظرة ما « ولقاء المخرجين وعروض خاصة إلخ ... وهناك عدة أقسام أخرى من بينها عروض منتصف الليل وقد أضيف مؤخرا قسم سينما الشاطئ. فيلم الإفتتاح للدورة الجديدة للمهرجان سيكون « مونريس كينغدام «لواس أندرسون. الفيلم المنتظر من بطولة بروس ويليس وإداورد نورتون وبيلي موراي. تدور أحداثه في الستينات من القرن الماضي وهي تروي قصة محبين يهربان من جزيرتهما وتنطلق الشرطة المحلية بقيادة نجم أفلام الحركة الأمريكي بروس ويليس في ملاحقتهما. الفيلم حظي باهتمام كبير في الصحافة المختصة خاصّة وأن المخرج «واس أندرسون» يعتبر من السينمائيين المستقلّين الذين يحاولون كسر الطوق الذي تفرضه عاصمة السينما الهوليودية باستوديوهاتها الضخمة المحتكرة للقطاع السينمائي والمتحكمة في السوق وفي الأذواق. ويجدر التذكير بأنه أثير جدل حول المشاركة النسائية في المسابقة الرسمية للمهرجان وجد طريقه إلى الصحافة الفرنسية وتتهم مجموعة من النساء المهرجان بأنه يمارس الميز العنصري ضد النساء الأمر الذي نفاه بشدة المندوب الدائم ونادى بالمناسبة إلى طرح قضية وجود المرأة بالقطاع السينمائي ككل وفي الإخراج بصفة خاصة في نطاق واسع وخارج أسوار المهرجان. حياة السايب الغرفة النقابية لمنتجي الأفلام ووزارة الثقافة: حل توافقي كان قد اندلع جدل في الفترة الأخيرة حول الإحتفاظ بجناح تونس بالقرية السينمائيّة الدولية ب»كان» المنتصب على شاطئ «الرّيفيرا «الشهير من عدمه هذا العام بين الغرفة النقابية الوطنية للمنتجين التونسيين ووزارة الثقافة. وكان وزير الثقافة قد أعلن في وقت سابق أنه لا يحبّذ فكرة الإبقاء على الجناح التونسي بالمهرجان مستندا في رأيه إلى ما أسماه بعدم مردوديته بالنسبة للسينما التونسية لكن الغرفة النقابية ممثلة في مكتبها القديم رفضت هذا التبرير واعتبرت أن غياب تونس عن القرية السينمائية الدولية خسارة للسينما التونسية. ويبدو أنه تم التوصل أخيرا إلى حل توافقي فقد أعلنت وزارة الثقافة في بلاغ لها صادر بتاريخ يوم أمس 15 ماي الجاري أنه تقرر الإبقاء على الجناح التونسي بالقرية السينمائية الدولية ب»كان». وأوضحت الوزارة في نفس البيان أنها توصلت إلى اتفاق مع مكتب الغرفة النقابية لمنتجي الأفلام السينمائية الجديد المنتخب يوم 4 ماي الجاري حول إعادة النظر في شكل ومحتوى المشاركة التونسية بمهرجان «كان». وينص الإتفاق بالخصوص على أن تشرف الوزارة على تسيير الجناح التونسي بكان ( وكان من قبل تحت إشراف الغرفة النقابية ) وأن لا تتعدى مساهمتها أي الوزارة المالية سبعين ( 70 ) ألف دينار مع العلم وأن مساهمة الوزارة في الأعوام السابقة (فتح الجناح منذ سنة 2007 ) تتراوح بين 80 ألف و100 ألف دينار. مع العلم كذلك وأن الدورة الجديدة لمهرجان «كان» ستشهد اطلاق الصندوق الإفريقي للسينما وأن تونس مرشحة لإحتضان مقر الصندوق وهو ما شجع على الإحتفاظ بالجناح خاصة وأن بلادنا تنظم هذا العام دورة جديدة لأيام قرطاج السينمائية.