دعا عدد من الناشطين في مجال السياحة الصحراوية سلطة الإشراف إلى إيلاء مزيد الاهتمام بهذا النمط السياحي الذي أصبح بعد ثورة 14 جانفي يتخبط في مشاكل لا تحصى ولا تعد. وطالبوا بالعمل والتحرك السريع لإنقاذه نظرا لتراجع مردوديته وتأثيره السلبي على أهل القطاع وخاصة اليد العاملة المختصة في المجال. فضعف المردودية ساهم في تأزيم وضعية القطاع خاصة في ظل عدم تجاوب وزارة السياحة في الحكومة الحالية إلى المطالب والنداءات المتكررة لأهل الميدان مثلما أكد ذلك ل"الصباح" عدد منهم ممن ينتصبون في دوز التي تعد أحد أقطاب السياحة الصحراوية في الجنوب الذي يضم قبلي وتوزر والجهات القريبة منهما. كما أجمع مهنيون في اختصاصات مختلفة بالميدان على أن الأوضاع ازدادت تأزما بعد اندلاع الثورة في ليبيا وما شهدته من تداعيات أمنية على الحدود الفاصلة بين البلدين أو داخل الجهات المجاورة فضلا عن انتشار مظاهر اجتماعية أبرزها مشهد السلفيين. علما أن السياحة الصحراوية التي تمتد على ما يقارب 25 بالمائة من مساحة البلاد التونسية تأسست منذ الستينات. وهي تعد نمطا سياحيا مستقلا بذاته له خصوصيات مستمدة مما تزخر بها الجهات هناك. إلا أن هذا النمط السياحي لم يجد الدعائم التشريعية والتنظيمية اللازمة التي يراها أهل القطاع من العوامل الكفيلة للنهوض به ليكون دعامة أساسية للتنمية في الجنوب التونسي خاصة وللاقتصاد الوطني بصفة عامة. فبقيت السياحة الصحراوية بمثابة نشاط متمم للسياحة الشاطئية كغيرها من الأنماط السياحية الأخرى كالسياحة الاستشفائية والثقافية الخ.
استقلالية القطاع
أكد السيد عادل شويكة مدير بنزل في دوز أن السياحة بالجهة تعيش في المدة الأخيرة ركودا غير مسبوق. مما أثر سلبيا على اليد العاملة بدرجات متفاوتة. وأكد محدثنا أن أغلب العاملين المرسمين وجدوا أنفسهم في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها النزل بالجهة محرومين من الامتيازات أو الزيادة في الأجور. واعترف أن العملة المتعاقدين أو العرضيين هم أبرز المتضررين من هذه الوضعية المتردية بعد أن اضطر أصحاب النزل إلى تسريحهم نظرا لعدم وجود دواعي لتشغيلهم. وحذر عادل شويكة من خطورة تهميش العاملين في السياحة الصحراوية نظرا لخصوصية الخدمات التي يتطلبها هذا النشاط ونوعية التكوين الميداني الذي يتلقاه العامل في المجال لا سيما في ظل عدم وجود معاهد أو مدارس مختصة تقدم تكوينا في الميدان. وعلل شويكة هذا التراجع بسبب عدم وجود علاقة مباشرة بين طالبي هذه النوعية من السياحة من الحرفاء. كما اعتبر أن الأنشطة والتظاهرات الثقافية تعد العامل المحرك للسياحة في الجهة لتبلغ أوجها في الموعد الذي يتزامن مع المهرجان الدولي للصحراء بدوز أو غيرها من المهرجانات الأخرى التي تنتظم بالجهات المجاورة. في المقابل عبر عن تفاؤله بمستقبل القطاع بالجهة نظرا لما تزخر به من نزل وخدمات بفضل التحسينات والتطور الذي عرفته خلال العقدين الأخيرين مما جعلها تستجيب لطلبات الحرفاء وتحظى برضا كل من يزور المناطق السياحية بالجهة. فيما اعتبر عماد الذي يعمل بنزل بدوز منذ عقدين أن ما عرفته نزل الجهة من عطالة خلال الفترة الأخيرة بات يبعث على القلق والخوف من تفاقم الأزمة.
مسؤولية سلطة الإشراف
من جهة أخرى اعتبر أحمد عبد المولى صاحب وكالة أسفار بالجهة أن الانفلات الأمني وما شهدته بلادنا من مظاهر اجتماعية وسلوكية ميزت المشهد الاجتماعي والسياسي بعد الإطاحة بالنظام البائد من العوامل التي ألحقت أضرارا كبيرة بالسياحة والمنطقة لأنه يرى أن هذا القطاع يرتبط بدرجة أولى بالسياح الأوروبيين أو من بلدان عربية من شمال إفريقيا على غرار ليبيا والجزائر. ويضيف في ذات الإطار قائلا :" أستغرب كيف أن الديبلوماسية التونسية لا تحرك ساكنا تجاه ما تشهده صورة هذا البلد من تشويه أثر بدرجة أولى على قطاع السياحة الذي يعد أحد مقومات الاقتصاد الوطني وذلك بعد أن تم اعتبار الجنوب التونسي منطقة حمراء بالنسبة لعديد البلدان الأجنبية." واعتبر وكالات الأسفار أحد أهم الهياكل المتضررة من تردي هذا القطاع. في المقابل بيّن عبد المولى أن "البزناسة" الأجانب خاصة من بلدان أوروبية أصبحوا المنافس الوحيد للناشطين في المجال خاصة بعد أن تزايد عددهم خلال الأشهر الأخيرة مستغلين صمت الحكومة والغياب شبه التام لوزارة السياحة بمختلف هياكلها أمام مثل هذه التجاوزات والنقائص التي يعاني منها القطاع. واعترف أن الظروف الصعبة التي يمر بها الميدان حاليا وما لحقه من خسائر ومتاعب جعلته يفكر في ترك الميدان إذ يقول :" حز في نفسي كثيرا أن تحيد السياحة الصحراوية عما كنا نطمح له في تونسالجديدة بعد نفور السياح الأجانب من دخول بلادنا وكان تبرير حرفائي الأوروبيين خاصة بالخوف من "السلفيين" إلى حد أني فكرت فعلا في الابتعاد عن الميدان نتيجة الخيبات المتكررة إذ يكفي أن أذكر بأنه بسبب حادثة بئر علي بن خليفة الأخيرة خسرت أكبر مستثمر فرنسي كنا بصدد اتمام مشروع سياحي كبير في دوز بعد أن خير التحول إلى السينيغال للاستثمار هناك".