يفتتح اليوم بداية من الخامسة مساء بدار الفنون بالبلفيدير بالعاصمة المعرض الجماعي التونسي/الفرنسي الذي تنظمه جمعية «فنانون تشكيليون بلا حدود» بتونس بالتعاون مع جمعية «أرتبول» الفرنسية وذلك في إطار الدورة الأولى لتظاهرة «فن بلا حدود» التي تتواصل ببلادنا منذ الثلاثاء 17 أفريل الجاري وتتواصل إلى نهاية الأسبوع. صحيح كان للصدفة دور حاسم في ميلاد حركة فنية ثقافية ينتظر أن تحتلّ مكانها بالساحتين التونسية والفرنسية وتحديدا ضمن خارطة التعاون الفني والحوار بين الثقافات وخاصة بين فناني ومثقّفي ضفتي المتوسط. لكن كي تنجح الصّدفة لابدّ أن تكون هناك رغبة وأن تكون هناك إرادة وإيمان بجدوى مثل هذه الحركات. وقد كشف المنظمون خلال لقاء صحفي انتظم مساء أوّل أمس الأربعاء بدار الفنون عن إرادة وعن رغبة قوية في إنجاح المبادرة حتى وإن كانت الجماعة تقتصر على إمكانياتها الذاتية في غياب الدعم من الهياكل الرسمية. لم نكن بطبيعة الحال ونحن نشهد -خلال اللقاء الإعلامي- تلقائية المنظمين الذين استقبلتهم مديرة دار الفنون سناء طمزيني بحفاوة باللغة ومدى التأثر الذي كان باديا على الجميع تقريبا, لم نكن بحاجة للسّؤال عن رمزية الحدث. المسألة تعني الكثير للمشاركين أو بالأحرى للمشاركات إذ أن البادرة هي نسائية بالأساس لكنها مفتوحة للكل وهي إذ تعني الكثير فلأنها بالأساس طريقتهم في تحدّي المسافات وحرّاس الحدود. بالفن يمكن بناء الجسور وبالفن يمكن للناس أن يتعايشوا وأن يتغافلوا عن كل عوامل التفرقة هكذا نفهم من فلسفة التظاهرة وهكذا نفهم روح هذه المبادرة. أما إذا عدنا إلى أصل الحكاية فإننا نفهم لماذا هي كذلك.. أصل الحكاية أصل الحكاية يعود للقاء جمع صدفة بعد سنوات طويلة من الغياب بين قريبتين كانتا تعيشان في الجزائر وتربط بينهما صداقة كبيرة لكن حرب الجزائر فرقت بينهما. واحدة سافرت إلى فرنسا واستقرت هناك والأخرى جاءت إلى تونس بلادنا لتلتحق بأقرباء لها يعيشون ببلادنا. وفي أحد الأيام تلتقي الاثنتان بعد أن غابت أخبار كل واحدة منهما تماما عن الأخرى. انفصلتا عندما كانتا صغيرتين والتقيتا بعد أن صارت كل منهما أمّا وجدّة. والغريب في الأمر أنّ المرأتين يعتمل في نفسيهما نفس العشق للفن ومن خلال الفن والفن التشكيلي تحديدا تحقق الوصال بينهما من جديد. وعن قصّة اللّقاء بعد الغياب الطويل انبثقت فكرة استثمار تجربتهما وقدرهما في تنظيم تظاهرات ثقافيّة تكون عبارة عن جسر يربط بين ضفتي المتوسط انطلاقا من كل من تونسوفرنسا. اللقاء الأوّل كان في فرنسا حيث تمّ تنظيم معرض للفنون التشكيليّة خلال شهر سبتمبر من العام الماضي (2011) بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين من تونسوفرنسا وقد تمّ إهداء المعرض للثورة التونسية. ضيوف فرنسا من التونسيين كانوا قد أقاموا وفق ما تمّ الإعلان عنه خلال اللقاء الإعلامي ببيوت الفرنسيين واليوم ينتظم اللقاء الثاني بتونس حيث يستضيف فنانو تونس وفنّاناتها ضيوفهم من فرنسا وسويسرا ذلك أن الدعوة لتوسيع دائرة التعاون مفتوحة للراغبين في الانضمام للفكرة ومساندتها. يعتبر المعرض التشكيلي الجماعي العمود الفقري لتظاهرة «فن بلا حدود» في تونس ويشارك فيه من تونس كل من علياء الكاتب (صاحبة المبادرة إلى جانب قريبتها آن ماري لاكاي) وعربية لوضيّف رئيسة جمعية فنون بلا حدود بتونس ورفيقة الظريف وناديا الزواري وقمر قربع وآمال زعيم ولمياء غمارة وسعيدة الدريدي ومراد حبلي ومروان الطرابلسي أما من الجانب الفرنسي فنذكر بالخصوص كلا من آن ماري لاكاي وميلان بيروتون وآنيتا رومف وماري نوال ريمي وباتريك ميار وإيف ديليسار. وقد أصرّ الجانبان (من تونسوفرنسا) خلال اللقاء الإعلامي على تحية الزميلة سعيدة بن زينب التي قامت بدور مهمّ في الإعداد للتظاهرة فهي لم تكن عنصرا فاعلا من أجل تجسيم الفكرة فحسب وإنما شاركت الجماعة حلمها ورغبتها في تنظيم حركة فنية ثقافية تستند إلى قيم سامية وتحمل رمزية كبيرة. وقد تولى مهمة التنسيق من الجانب الفرنسي الديبلوماسي السابق برنار ساكس. المعرض الجماعي وإن كان العنصر الرئيسي في التظاهرة فإنها لا تقتصر على ذلك بل البرنامج متنوع وهناك إلى جانب ورشة المنحوتات التونسية الفرنسية بحديقة البلفيدير بالعاصمة التي انتظمت كامل نهار يوم أمس الخميس وافتتاح معرض الرسامة آمال الزعيم بالنادي الثقافي الطاهر الحداد بالمدينة العتيقة، هناك محاضرات وزيارات لعدد من المراكز الثقافية بتونس وللمتاحف والمواقع الأثرية والأروقة الفنية بالعاصمة.