ال"بينال" المتوسطي الخامس للفنون لمدينة تونس الذي تنظمه جمعية التبادلات الثقافية في البحر الأبيض المتوسط بإشراف بلدية تونس تظاهرة ثقافية تشتمل على معارض للفنون التشكيلية وعروض موسيقية وحلقات نقاش وزيارات ميدانية إلخ ولكنها أيضا وربما يكون هذا الأهم مناسبة للقاء بين فنانين من الشباب بالأساس من بلدان ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية. يبلغ البينال من العمر 10 سنوات ويصل هذا العام إلى دورته الخامسة التي تنطلق يوم 06 جوان الجاري وتتواصل إلى 12 من نفس الشهر بمدينة تونس. تفاصيل هذه الدورة الجديدة والطموحات التي تسعى الجمعية المنظمة للبينال إلى تحقيقها من خلال هذه التظاهرة التي تقام مرة كل عامين باحدى مدن المتوسط كانت محور اللقاء الذي جمع ممثلي وسائل الإعلام التونسية مع السيدات فاطمة بن بشر رئيسة جمعية التبادلات الثقافية في المتوسط وسعاد المهبولي المسؤولة عن قصر خير الدين بالمدينة العتيقة ونجاة الفخفاخ عن بلدية تونس كذلك. وإذا ما أضفنا للأسماء المذكورة السيدة دلال طانغور مندوبة البينال التي تعذر عليها الحضور فإن هذه التظاهرة الثقافية المتوسطية أي الدولية تكون قد وضعت بين أيادي نسائية بالأساس مما جعل اللقاء لا يخلو من بعض الملاحظات الطريفة حول حضور العنصر النسائي في المشهد الثقافي ببلادنا. قصر خير الدين نقطة التلاقي بين المبدعين من بلدان ضفتي المتوسط وقد تم اختيار متحف مدينة بتونس مكانا للندوة الصحفية لأن هذا الفضاء الثقافي أي قصر خير الدين سيحتضن المعرض الجماعي الذي يقام بالمناسبة كما أن الإفتتاح الرسمي للبينال سيكون في هذا الفضاء مساء الجمعة. وللتذكير فإن بلدية تونس كانت قد قامت بالتعاون مع جمعية صيانة مدينة تونس بتهذيب قصر خير الدين الذي خصص للتظاهرات الثقافية وأساسا لمعارض الفنون التشكيلية من تونس ومن الخارج. الجديد فيما يخص البينال الخامس يتمثل في محاولة تنويع البرنامج وادخال بعض الإقتراحات الجديدة. يشتمل برنامج البينال الخامس للفنون بتونس على معرض للفنون التشكيلية يدوم شهرا كاملا. وهو يظم أعمالا متنوعة سواء في الرسم أو النحت والتنصيبات وغيرها. ويقام المعرض كما سبق وذكرنا بقصر خير الدين. ويتم في نفس الإطار تقديم عرض موسيقي لمجموعة رنين وهي مجموعة أوركاسترالية تابعة لفرقة مدينة تونس للموسيقى. العرض سيكون بمركز الموسيقى العربية المتوسطية النجمة الزهراء. وسيكون جمهور الفنون التشكيلية في إطار الدورة الجديدة للتظاهرة المذكورة على موعد مع مفاجأة سارة تتمثل في جدارية عملاقة تمتد على نصف أحد الجدران العالية لفضاء العرض بقصر خير الدين وتنجز بمشاركة كل الضيوف من الفنانين التشكيليين من مختلف البلدان المتوسطية والأوروبية إلى جانب البلد المنظم. وسيقع الإحتفاظ باللوحة للشهادة والذكرى وفق المشرفات على التظاهرة. طبعا هناك برنامج خاص بالضيوف من بلدان المتوسط وأوروبا عموما يتمثل بالخصوص في زيارات استكشافية لعدد من المناطق السياحية والأثرية بتونس إلى جانب زيارة المدينة العتيقة. بالنسبة لبعض الضيوف القادمين من بلدان أوروبية غير متوسطية على غرار ألمانيا مثلا فإن الهدف منه حسب السيدة فاطمة بن بشر يتمثل في الإقتناع بفكرة المتوسط الأوسع خاصة وأن الإتحاد الأوروبي هو أحد الأطراف المشاركة في بناء الإتحاد المتوسطي المنشود. وقد استضافت مدينة تونس بالمناسبة أكثر من 40 فنانا وفنانة تشكيلية من تونس العاصمة وسوسة و صفاقس وجربة والحمامات والإسكندرية (مصر) ولشبونة (البرتغال) وبوردو (فرنسا) وكان بعض الضيوف القادمين من هذه المدينة الفرنسية قد حضروا اللقاء الصحفي المذكور وتحدثت احدى المشاركات الشابات عن الفضول الذي تثيره فيها مثل هذه التظاهرات التي تجعلها تكتشف رؤى جديدة وربما مختلفة في التعامل مع الفنون التشكيلية المعاصرة. الضيوف هم أيضا من جنوة الإيطالية والجزائر ومرسيليا ودمشق وأثينا وإشبيلية وطنجة المغربية وكولونيا الألمانية وغيرها. الريح تحرك الشاعر الساكن في كل إنسان ينعقد البينال كل مرة وفق تسمية محددة وينتظم هذا العام حول محور الريح. بعد أن دارت الدورات السابقة حول محاور النور والماء والأرض والنار أي العناصر المكونة للحياة. ولقد لاحظنا كثيرا من الحماس لدى المشرفين على هذه التظاهرة لمحور الريح الذي يبدو أنه قد حرك الشاعر فيهم الساكن داخل كل إنسان. وتعددت القراءات حول الريح وما تثيره في الإنسان من خشية وفضول في آن واحد الريح ذلك العنصر الطبيعي الذي لا نلمسه لكنه يبقى حاضرا بقوة في حياتنا إلخ ... إلا أن الإتفاق الحاصل كان حول الأمل في أن تتمكن الدورة الجديدة لبينال تونس للفنون في إضفاء ريح جديدة على علاقات التبادل الثقافي بين مختلف سكان بلدان المتوسط. وتجدر الإشارة إلى أن جمعية التبادلات الثقافية بالمتوسط تنشط في عدة اتجاهات فإلى جانب عملها الثقافي الذي يتمثل في المشاركة في مختلف التظاهرات الموسيقية واللقاءات الفنية عامة بتونس وبعدد من الدول المتوسطية فإنها تقوم بعمل تربوي من خلال العمل على توفير فرص التلاقي بين عدة هياكل تربوية في مجال التدريس المسرحي والموسيقي وقد أعلنت السيدة فاطمة بن بشر بالمناسبة عن عزم الجمعية على تنظيم تظاهرة موسيقية كبرى حول تأثير الموسيقى العربية الأندلسية على الموسيقى الأوروبية كما ستسعى لتنظيم لقاء يجمع بين المعاهد الموسيقية العليا بعدد من دول المتوسط وذلك بالتعاون مع المعهد العالي للموسيقى بتونس. من بين طموحات الجمعية أيضا تنويع برنامج البينال ليشمل عددا من الفنون الأخرى على غرار الرقص مثلا وقد أوضحت رئيسة الجمعية أن هناك برنامجا قيد الدرس في هذا المجال بالتعاون مع سهام بلخوجة رئيسة جمعية ناس الفن بتونس. تشارك عدة أطراف أخرى بلدية تونس كما سبق وذكرنا في تنظيم ودعم بينال الفنون الخامس ومن بينها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث وعدة هياكل ثقافية أجنبية بتونس على غرار المعهد الفرنسي للتعاون ومعهد غوتة الألماني وعدد من البعثات الثقافية الأجنبية خاصة الممثلة لبلدان المتوسط وغيرها. وتطمح الجمعية لتكوين شبكة من المساندين لعملها الذي يتركز بالخصوص حسب السيدة فاطمة بن بشر في توفير فرص التلاقي بين الفنانين والمبدعين من بلدان ضفتي المتوسط خاصة من الشباب ويكون ذلك من خلال استقبال بلادنا لهذه التظاهرة أو انتقالها في دورات أخرى بين مختلف مدن المتوسط. والمساندة التلقائية لمثل هذه التظاهرات هي عادة منتشرة خاصة بأوروبا. من أبرز خصوصيات البينال المتوسطي للفنون عملية التبني التي يظطلع بها أحد الفنانين التشكيليين الكبار لعدد من الفنانين الشبان وهي خاصية حاولت المشرفات على هذه التظاهرة الثقافية المتوسطية ابرازها منذ بداية اللقاء.