رغم سعي بعض النيابات الخصوصية التأقلم مع الامكانيات المحدودة لها في محاولة لتصريف الأمور والتخلص من الارث الثقيل الذي ورثته عن العهد البائد من المشاكل التي تراكمت الى حد لا يوصف في بعض البلديات. الا أن نيابات أخرى بقيت تعاني من اختلافات حول «تشكيلتها» حتى بعد تعيينها مما جعل بعضها يهدد بالاستقالة في حين استقال البعض الآخر وترك فراغا في العمل البلدي كما هائلا من المشاكل والتراكمات والفوضى التي عمت بعض الجهات وأرقت المتساكنين اضافة الى أن بعض النيابات الخصوصية انتهت صلوحيتها ولكن لم يتم تجديدها وبقي مكانها شاغرا في انتظار قرار قد يطول مداه دون مراعاة لمصلحة المواطن وحق بعض الجهات في العمل البلدي.
متابعة وتنسيق : فاطمة الجلاصي
الكاف نيابة خصوصية بلا أعضاء ولا رئيس ولا كاتب عام
بلدية الكاف مثلها مثل كل البلديات الأخرى قد عوضت المجلس البلدي المنحل بالنيابة الخصوصية حتى تقوم مقامه في تقديم خدماتها للمتساكنين ومعالجة المشاكل العالقة وتصريف شؤونهم كي لا تتعطل المصالح العمومية، وإن هذه النيابة الخصوصية وفي هذه الظروف الاستثنائية لم تصمد كثيرا ولم تذهب بعيدا في وجه التسيب والفوضى لتختفي بعد فترة وجيزة من ميلادها، مع حقيقة وظيفتها وتتخلى عن أداء دورها لتبقى بلدية الكاف تتلمس طريقها بخطى محتشمة لم ترض في الظاهر ما يؤمله منها مواطنوها. وعلى إثر تذمرات بلغت حدها وصلتنا من العديد من المتساكنين لفرط ما لحقهم من أضرار ولامبالاة، تحولت الصباح فزارت بعض الأحياء في مدينة الكاف وأجمعتْ الرؤيا على أن الهم واحد، من طرق تُتعب مستعمليها لما تشتمل عليه من حفر وانجرافات بسبب مياه الأمطار، إلى مصبات عشوائية وسط التجمعات السكنية فرخها غياب البلدية عن المتابعة والقيام بالأشغال المناطة بعهدتها في الإبان، إلى أكداس من فضلات البناء ملأت الأزقة والشوارع وفي أحيان كثيرة وجدناها تعرقل وتُضيق على المواطنين حركة سيرهم، إلى مناطق خضراء باتت لا تحمل من هذه الصفة إلا اسمها، إلى الأعشاب الطفيلية التي نمت وتكاثرت في مناطق عديدة بشكل أثر سلبا على المنظر العام، إلى البلدية التي عمدت وفي أمكنة متفرقة من المدينة إلى إحداث أشغال تجديد تبليط الإسفلت فقامت بوضع أكداس من الحجارة ومواد بناء على الأرصفة حتى أنك ترى جانبا مهما من هذه المواد قد تناثر فوق المعبد، الشيء الذي سبب اختناقا وأحدث اضطرابا في الحركة المرورية، والبلدية "شاهد ما شافش حاجة" وتقوم بإنجاز أشغالها ببطء شبيه بخطى السلحفاة، ونحن هنا نسأل بلدية الكاف على لسان متساكنيها، متى ستنتهي هذه الأشغال المحدثة وهي تسير على هذه الشاكلة؟ ومتى ستعود البلدية إلى سالف عهدها وتسرع في رفع الأوساخ وأكداس القمامة التي تبقى مرتعا للحشرات ومنتجا للروائح الكريهة ؟ ومتى ستقوم البلدية بترميم وإصلاح الحفر والمطبات وما جرفته الأمطار من هيئة الطرقات ؟ ومتى ستعاد الإنارة لشوارع أحياء أظلمت بسبب فانوس أصبح غير قادر على الإضاءة ولم تمتد إليه يد البلدية لتغيره بآخر جديد ؟ ومتى سيكتمل هذا النقص الواضح في الخدمات وتعود للبلدية روحها التي غادرتها منذ مدة نراها بدأت تطول ؟ هذه تساؤلات مواطنين يقطنون بأحياء عدة بمدينة الكاف ولا يطلبون من البلدية إلا أن تنتبه إليهم وتعيرهم قليلا من اهتمامها حتى يستطيعوا أن ينعموا ويعيشوا حياتهم العادية ضوء الإحساس بالمسؤولية. الصباح وبعد كل هذه التساؤلات، اتصلت بمقر بلدية الكاف، أين وجدت ثلة من مسؤوليها وعمالها وطلبت توضيحا لكل ما يحدث، فأجمع الكل على أن بلدية الكاف تعيش حالة استثنائية بأتم معنى الكلمة، فهي تعمل في ظل غياب رئيس بلدية وكاتب عام، والنيابة الخصوصية التي عوضت المجلس البلدي المنحل استقالت لتترك المشاريع وتنفيذها عالقا، حتى أن هناك عددا لا بأس به من قرارات الهدم على الرفوف في انتظار التنفيذ، وأشغال متوقفة، على غرار شارع المنجي سليم، حيث قامت البلدية بإحداث أشغال لتجديد تبليط الرصيف هناك وفجأة توقف كل شيء ليبقى المكان مليئا بأكوام التراب التي تُسبب عرقلة كبيرة في حركة السير وتفسد وإلى حد كبير مشهد المكان. وأكد لنا أعوان بلدية الكاف أنهم يبذلون قصارى جهدهم بما توفر لهم من إمكانات، فهم يعانون من نقص كبير في التجهيزات، ومعظم الجرارات والشاحنات الموضوعة على ذمتهم معطبة، وباقي المعدات التي يستعملونها حالتها سيئة وتشكو نقصا فادحا في قطع الغيار. كما بين أعوان البلدية ل الصباح أن اللوم لا يقع عليهم وحدهم بخصوص ما يتراءى للرأي العام من نقائص، فالمواطن أيضا معني بهذا الأمر، فهو إضافة إلى التجاوزات التي يقوم بها، من بناء وانتصاب فوضويين، لا يقوم بخلاص المعاليم البلدية، ويكدس فضلات البناء أينما شاء، ويلقي بالفضلات المنزلية في أماكن غير الأماكن المخصصة لها، الأمر الذي يجعلك أينما ذهبت تجد الأوساخ بالأنهج والشوارع رغم أن هناك عمال تنظيف يقومون بتمشيط البلاد بعرباتهم وتنظيف كل طرقاتها. محيي الدين الشارني
عاشت النيابة الخصوصية بباجة منذ تشكلها في 2 ماي 2011 كل الصعوبات التي عاشتها بقية النيابات بالبلاد التونسية والتي تلخصت أساسا في عدم تنوع قاعدة التمويلات الذاتية ونقص المعدات والعجز المادي إضافة إلى الصعوبات التي برزت مباشرة بعد الثورة كترسيم العمال العرضيين والمتعاقدين والوقتيين وعدم قدرة المستلزمين في الأسواق البلدية وأسواق الدواب على الإيفاء بالتزاماتهم كما انخفضت المداخيل المتأتية من الجباية المحلية بشكل ملفت للانتباه وكثرت التجاوزات العمرانية والاقتصادية أمام تعليق أعوان التراتيب نشاطهم منذ 17 ديسمبر 2010 وتدنى مستوى الخدمات خصوصا في جانب النظافة وتدهورت العلاقة بين البلدية والمواطن حتى عمت الفوضى كامل أرجاء المدينة... وهي صعوبات أدت إلى نقص في المداخيل فاقت نسبة 50% من المعاليم المتأتية من المؤسسات و30 % من المعاليم المتأتية من النزل و74 % من المعاليم المتأتية من الأسواق بما أدى إلى خسارة مليارات من المليمات من الموارد الاعتيادية المخصصة في العادة للتسيير واستخلاص القروض في البلدية كما كلف ملف ترسيم الأعوان مبالغ هامة بعنوان مصاريف طارئة إضافة إلى الحالة السيئة للكثير من المعدات. صعوبات جعلتها تغرق في الديون وتقف عاجزة على تسيير أمورها بصفة عادية. كم هائل من التراكمات السلبية الناجمة عن إرث قديم غيب دور البلدية تماما وجعلها مجرد هيكل تستباح فيه كل الخروقات وقد دخل الأعضاء الجدد بنفس ثوري حالمين باستعادة الدور المدني الفعلي للبلدية والاقتراب من المواطن وتكثيف الخدمات من خلال مراقبة المشاريع داخل مجالها وإبداء الرأي فيها قبل وبعد إنجازها مع الالتزام بأمثلة التهيئة العمرانية واحترام الممتلكات العامة والخاصة بما يكفل الحفاظ على خصوصية المدينة والخروج بالعمل البلدي من الدور النمطي السلبي، الذي ارتبط في أذهان العديد من الناس برفع الفضلات وإنجاز عقود الزواج، واستخراج مضامين الولادة والوفاة إلا أنها كانت رؤية حالمة أكثر من اللزوم ولم تقدر النيابة الخصوصية على المسك بزمام الأمور ووجدت نفسها في أغلب الأحيان غريبة في أرضها غير فاعلة في أهلها فلم يكن من اليسير عليها متابعة تنظيم السوق اليومية وإقناع المنتصبين بالالتحاق بالسوق المركزية للخضر ولم يكن من اليسير عليها الحسم في إجراءات التبتيت لما رافقها من ضغوطات من التجار وأصحاب البتات على الوالي السابق مما أثر على إجراءات الإشهار وطلب العروض وجعل قرار التسويغ بالمراكنة هو الفيصل فتم تسويغ السوقين الأسبوعية واليومية لنفس المستلزم السابق وبأسعار أقل من المطلوب بحوالي 30 ألف دينار وبنفس الطريقة تم تسويغ السوق الأسبوعية للدواب والحبوب والبقول الجافة وبمبلغ أقل من المطلوب ب 10 آلاف دينار على عكس سوق الجملة للخضر والغلال التي تم تسويغها بزيادة حوالي 45 ألف دينار عن السنة الفارطة غير أن جميع المستلزمين طالبوا مرارا وتكرارا بالتخفيض في مبالغ اللزمة أو فسخها لعدم التزام التجار بدفع معاليم الانتصاب أو للفوضى التي رافقت فترات التسوق خلال السنة المنقضية وأثرت على السوق أو لانتشار الأسواق الموازية وعدم مرور الخضر والغلال بالسوق. إشكاليات أثرت على المردود المالي وخلقت نوعا من عدم التوازن في التصرف ورغم ما تثبته التقارير الصادرة عن مختلف المصالح البلدية من أن الوضع المالي إلى حدود موفى مارس 2012 يشهد بعض التحسن مقارنة بنفس الفترة من السنة المنقضية فإن نسب التطور لم تتجاوز 43.95 % في مجمل المعاليم الموظفة على العقارات المبنية وغير المبنية والمؤسسات والأسواق والمناب من المال المشترك وكراء العقارات والموارد الاعتيادية الأخرى. وإضافة إلى كل المشاكل التي تتخبط فيها البلدية ظلت الإدارة تعمل لمدة أربعة أشهر بدون كاتب عام ما زاد في صعوبة الأداء وسلط ضغطا على رئيس النيابة الخصوصية دفعته إلى التنديد بالاستقالة منذ منتصف مارس الماضي بل أكد لنا في أكثر من مناسبة أنه قدم استقالته إلى والي الجهة لكنه لم يتلق أي رد ومع ذلك ظل يمضي على الملفات كلما دعي إلى ذلك ويبدو ان الأمور وإن كانت قد حسمت في جانب منها بتعيين محمد لسعد المساهلي كاتبا عاما منذ بداية أفريل الجاري فإنها لم تحسم بعد في جانب منها لا يقل أهمية وهو بعد انقضاء آجال النيابات الخصوصية وبعد مرور حوالي عام على تنصيب هذه النيابة وبعد الصورة الضبابية التي ما زالت ترافق الأداء الجماعي للنيابة هل ستواصل هذه النيابة عملها أم ستستقيل لتتشكل نيابة أخرى؟ أسئلة وجهناها لرئيس النيابة الخصوصية فأكد لنا أنه مستقيل ووجهناها لوالي الجهة فأكد لنا بأنه لم يتلق أي إشعار بالاستقالة ووجهناها لبعض النواب في البلدية فأكدوا لنا بأن الاستقالة حصلت فعلا وأنهم اتفقوا على من سينوب الرئيس المستقيل من داخل المجموعة فمن نصدق يا ترى ؟ والمدينة ما تزال ترزح تحت ركام من الأوساخ في أغلب الأحياء بل في قلب المدينة والدواب تجوب الشوارع في وضح النهار والناس يبنون على الأرصفة وينتصبون أينما اتفق والشوارع تتحول إلى سراديب تتهاوى فيها العربات وتتجمع فيها مياه الأمطار والأرصفة تسير عليه الدراجات وتقام عليها علامات المرور والأعمدة المختلفة دون ذوق والمشهد يستدعي كل طقوس الريف في ستينات القرن الماضي ولا من مجيب.