بات «الخطر الإستراتيجي المصري» حسب تعبير الصحافة العبرية- يتسبب في حالة من الخوف في إسرائيل، حيث أن حالة القلق التي أخذت تعتري المستوى السياسي تعتبر اليوم «مقلقة» لدرجة بعثت على هستيريا في الأوساط التنظيرية العبرية وصناع القرار الإستراتيجي الإسرائيلي من المستويين العسكري والسياسي، كانت آخر مظاهره الغاء مصر لاتفاقية تبادل الغاز من جانب واحد. هذا «التوتر الإستراتيجي» الذي يسيطر على العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، قد يكون وليد عدة تغييرات عرفتها إسرائيل منذ بداية سنة 2011 من هزات غيرت مفهوم العلاقات الدولية بصفة عامة، ومفهوم «السلام الهش» الذي تعيشه مصر وإسرائيل منذ كامب ديفيد 1979. ولعل هذا القلق ترجمه حارس البوابة اليميني وزعيم حزب إسرائيل بيتنا أحد أحزاب الائتلاف الحاكم ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، في «مذكرة تحذير» خطية سلمها إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سربتها الصحافة الإسرائيلية. ليبرمان، وفي دلالة على استشعارها للخطر في الجنوب، دعا إلى «اتخاذ قرار شجاع بإعادة تشكيل فيلق الجنوب في الجيش الإسرائيلي الذي سبق وحل مع توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين تل ابيب والقاهرة، وتشكيل ثلاثة ألوية قتالية جيدة التدريب، ورصد موازنة خاصة لمواجهة أي سيناريو لخرق مصري للاتفاق بإدخال قوات مدرعة إلى سيناء». ليبرمان قدم تبريرات سياسية لتصوراته الاستراتيجية، وحاول زيادة بعض الماء على الطين، مستنتجا بأن «مصر الجديدة» ستكون عدوانية، وعبر عن تلك الحالة بأنه في ضوء التطورات في مصر، قد تبحث السلطة المقبلة عن «عدو خارجي» لتوحد الشعب ضده، وإسرائيل هي المرشح الأقوى. ولكن كلام ليبرمان قد يعبر عن حالة سلوكية ونفسية مغايرة، إذ من الممكن أن الحكومة الحالية أكثر يمينة منذ تأسيس دولة الاحتلال سنة 1948- تبحث عن عدو جديد لتتوحد ضده «جميع أسباط السفارديم والأشكيناز» كما كان الوضع في حرب النكبة والنكسة والعبور، وهو ما قد يمكن الحكومة الحالية من المواصلة وضمان الاستمرار في إطار يميني آخر، بعد الانتخابات القدمة في إطار «حكومة حالة طوارئ». ليبرمان أشعل الإشارات الحمراء تجاه مصر مبيننا وأدلى بدلوه في الخيار الاستراتيجي في مصر قائلا أن التحول الاستراتيجي في مصر قد يسوق خطرا أكبر من الخطر النووي على إسرائيل، لأنها الدولة العربية الأكبر ولها حدود طويلة مع إسرائيل. ولعل هذا التعبير الذي أطلقه رئيس الديبلوماسية الإسرائيلية يمثل هاجسا يقض مضاجع الجيش الاسرائيلي أيضا، الذي رفض ذلك التصرف «أحادي الجانب من مصر» حيال قطع امدادات الغاز المصرية إلى إسرائيل، والذي وجد طريقه على لسان قائد الجيش الإسرائيلي إلى بدايات تطرح مصر «عدوا لإسرائيل». حيث قال رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي الجنرال بيني غانتز إنه في حال تحول مصر إلى دولة عدو بعد سنوات طويلة من السلام معها، فإن جنود الجيش الإسرائيلي مستعدون، كما أنهم مستعدون لأداء أي مهمة فيما يخص مواجهة التهديدات، بالإضافة لحالة عدم الاستقرار التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط.