دعا حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة أمس خلال الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي الإعلام الى أن يتصالح مع الثورة ومع الشعب.. دعوة اعتبرها البعض تتناقض في جوهرها مع تصريحات لطفي زيتون المستشار لدى رئيس الحكومة الذي صرح خلال لقاء تلفزيوني في الوطنية 1 بان وزارة الداخلية لن تكشف عن القائمة السوداء التي تتعلق بالإعلاميين أوالناشطين في البوليس السياسي. وكان زيتون قد أرجع سبب التحفظ الى أن الكشف عن أعراض الناس من شأنه أن يؤذي الكثير من العائلات التونسية. من جهته اعتبر أيمن الزواغي عضو المجلس التأسيسي عن تيار العريضة الشعبية أن الدعوة الى المصالحة تمثل خطوة ايجابية غير أن المصالحة تقوم أساسا على المحاسبة لا سيما أن هنالك بوادر لتقزيم العمل الإعلامي وحتى لتركيعه. وتساءل في هذا الصدد اعتبارا إلى ان جل القطاعات قد نخرها الفساد لماذا تشبثت الحكومة بتطهير هذا القطاع فحسب. وقال ردا علىذلك أنه في الوقت الذي بدأ فيه الإعلام يتحسس طريقه نحو الكشف عن الحقيقة حظي بكل هذا الاهتمام من قبل الحكومة التي ذهبت إلى حد مساندة اعتصام السلفيين امام مقر التلفزة وفقا لما ادلى به. وأضاف أن التضارب في الأقوال لم يعد بالأمر الغريب على راسي الحكومة وتبقى الخطب الرنانة رهينة تطبيقها على ارض الواقع. وفي تعليقه ايضا على التصريحين السالفين, اشار زياد الهاني عضو نقابة الصحافيين أن النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين التي تمثل عموم الصحافيين في تونس كانت أول من طالبت منذ مؤتمرها الأخير بالارتقاء بالإعلام ليكون في مستوى استحقاقات الثورة وتطلعات المواطنين ورأت أن ذلك يتم من خلال العمل في مسارين متوازيين يتمثل الأول في محاسبة الإعلاميين الذين كانوا ضالعين في منظومة الاستبداد عبر ضبط قائمة سوداء تضم من تعامل منهم مع البوليس السياسي ومن تمعشوا من المال العام لوكالة الاتصال الخارجي. وأضاف الهاني انه تمت مطالبة كل من وزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة بتمكيننا من الملفات التي تدين هؤلاء حتى تكون القائمة مبنية على حجج مادية لا للتشهير وإنما قصد التنبيه المباشر على هؤلاء "المفسدين"لكف أذاهم ومنعهم من التزييف ومن الركوب على الثورة أولا وثانيا حتى لا يتحملوا مسؤوليات حساسة على حد تعبيره.
الامتناع عرقل المسار
كما أوضح الهاني أن السلطة باعتبارها صاحبة القرار امتنعت عن مد النقابة بالملفات المطلوبة الأمر الذي عرقل عملية الإصلاح.أما المسار الثاني فيتمثل من وجهة نظر الهاني في تعزيز القدرات المهنية للصحافيين وتطويرها ودعم استقلالية المؤسسات العمومية للإعلام لاعتقاد راسخ بان تطوير المنظومة الإعلامية يمر عبر الأداء المهني الاحترافي ومن الضروري في هذا الإطار تفعيل المرسومين 115 و116 فضلا عن الارتقاء بالوضعية القانونية للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين الى اتحاد للصحفيين التونسيين يتولى الى جانب دوره النقابي إسناد البطاقة المهنية للصحافيين وبالتالي ممارسة دور الضابط للدخول للمهنة والحافظ لاحترام قواعدها وأخلاقياتها وهو مطلب ناضلت من اجل تحقيقه أجيال من الصحافيين وقد آن موعد انجازه.
الاعلام تصور
من جهة أخرى أوضح هشام السنوسي عضو الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال أن دعوة الجبالي للتواصل وللالتقاء تعد مسالة محمودة لان كل هذا النقاش في نهاية المطاف وهذا التشنج سيكون سلبيا في المطلق إذا لم تتم العودة الى طاولة الحوار إلا ان الحوار دون خلفية ودون رؤية قد يتحول الى مجرد ثرثرة وربح مؤقت لنقاط تحسب لصالح ذاك وذاك فالإعلام ليس أشخاصا وإنما هو تصور. وقال في هذا السياق: مع الأسف أن الحكومة الى حد الآن لم تقدم رؤية واضحة حول ماذا تريد من الإعلام وليس من الإعلاميين فالخلط بين الصحافة كموضوع والصحافيين كأشخاص طبيعيين يختزل تصورا منقوصا لهذا القطاع. وأضاف أن الحكومة تتهرب من موضوع الإصلاح اذا وقفت جميع ما تم انجازه خلال سنة من العمل المشترك بين الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للثقافة والإعلام واللجنة الفرعية للإعلام والهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي حيث أوقفت هذا الجهد المشترك الذي يشارك فيه أيضا المجتمع المدني وأصحاب المؤسسات وشاركت فيه المنظمات الدولية. وذكر في نفس الاتجاه انه الى حد الآن لا نملك إجابة شافية عن هذا الموقف بل تجاوز الأمر ذلك حد شنها الحرب على هذه الهياكل وصورت للمجتمع وكأنها شيطان رجيم. وأوضح السنوسي أن الحكومة هي في تصورنا لا تمثل سلطة إشراف بمعنى وزارة إعلام بل هي طرف من ضمن بقية الأطراف وإلا كيف سيتحقق هدف المجتمع التونسي في أن يكون الإعلام سلطة مضادة رقيبة على أعمال الحكومة مشيرا الى أن الحكومة لا تتلخص في شخص حمادي الجبالي وإنما يتعلق الامر بأي حكومة ستتولى الحكم.