اليوم يحسم الناخبون الفرنسيون موقفهم ويعلنون اسم الرئيس الذي سيتولى قيادة السلطة في بلادهم على امتداد السنوات الخمس المقبلة، وسيحددون بالتالي ما إذا كانوا قد اختاروا الاستمرارية أم التغيير. ورغم أن هذه الانتخابات هي في الأصل شأن داخلي فرنسي، إلا أنه من البديهي أن يكون لنا منها موقف باعتبار العلاقات التاريخية التي تربطنا بفرنسا وتداخل المصالح بيننا وبينها في شتى المجالات سواء على مستوى المبادلات الاقتصادية والمالية والثقافية وغيرها أو بالنظر إلى وجود جالية كبيرة لنا فيها تتأثر مباشرة بالسياسات التي تعتمدها... وموقفنا لا يمكن أن يكون مع التجديد للرئيس اليميني نيكولا ساركوزي لعدة اعتبارات لعل أهمها: - ما أبداه الرئيس ساركوزي من مواقف وما اتخذه من سياسات على امتداد ولايته الرئاسية، وهي مواقف وسياسات لم ترق إلى المستوى الذي عهدته دول المغرب العربي خلال كل الحقبات السابقة، وتكفي الإشارة إلى سلسلة الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها ديبلوماسيته إبان وخلال ثورة الرابع عشر من جانفي 2011 حيث وصل الأمر بها إلى حد عرض تزويد المخلوع بن علي بالوسائل والخبرات لمساعدته على قمع انتفاضة التونسيين على نظامه الاستبدادي والمجرم، ناهيك عن عدم تورع كبار المسؤولين الحكوميين الفرنسيين عن تقديم الدعم السياسي للنظام البائد في المحافل الدولية عبر الإشادة بما كانوا يزعمون أنها حالة استقرار تسود بلادنا، مقابل التزام صمت متواطئ إزاء ما كان يحصل فيها من قمع للحريات العامة والخاصة وانتهاكات لحقوق الانسان. - اعتماده سياسة مغرقة في التشدد حيال موضوع الهجرة والمهاجرين وخصوصا أولئك القادمين من شمال إفريقيا على عكس القادمين من دول أوروبا الشرقية، بما جعلتها أكثر قربا من طروحات اليمين الفرنسي المتطرف الداعي صراحة إلى طردهم وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. فعلى الرغم من صعوبة التكهن بمقدار الاختلاف الذي ستشهده السياسة الفرنسية في حال أكد التصويت اليوم نتائج استطلاعات الرأي وتحقق الفوز لهولاند، إلا أنه يمكننا الجزم بأن تحول فرنسا نحو حكم الاشتراكيين هو عين المطلوب في هذه المرحلة ولعل ما عبر عنه الأخير من مواقف على امتداد حملته الانتخابية وما عهدناه من مبادئ سياسية ثابتة في مجملها لحزبه تعزز هذه النظرة المتفائلة.