: نزيهة الغضباني - حظيت التونسية الدكتورة منيرة هماني العيفة بتكريم خاص من جامعة الزهراء بطهران إثر انعقاد الملتقى الدولي الأول حول دور المرأة في تأمين سلامة الأسرة والمجتمع الذي نظمته هذه الجامعة الإيرانية خلال الأسبوع المنقضي وذلك اعترافا بقيمة الإنجاز العلمي الذي حققته والمتمثل في إجراء دراسة جينية للأمراض الوراثية: تحديد الجينات المسؤولة عن مرض الصمم الوراثي وتقلص حجم العين من خلال بحث أجرته على عائلات تونسية مصابة بهذا المرض. وكانت الدكتورة هماني ضمن الوفد التونسي المشارك في الملتقى والذي ضم كفاءات من مجالات علمية وفكرية مختلفة على غرار إيمان زهواني هويمل التي تشغل خطة مديرة عامة للمرأة والأسرة بوزارة شؤون المرأة والأسرة التي قدمت في مداخلتها صورة شاملة عن وضع المرأة والأسرة في بلادنا في ظل المكاسب التشريعية الرائدة والنقائص الرائجة وضحى الحران طبيبة مختصة في الأمراض النسائية وزينب عبروق إخصائية في علم الاجتماع إضافة إلى رفيعة عطية وحسناء بن سلامة وتسنيم الدلاجي وسامي العيفة. علما أن هذا الملتقى الدولي كان منفتحا على تجارب وأفكار من بلدان إفريقية وآسيوية ومن أندونيسيا قدمت كلها طروحات وقراءات في مجالات متنوعة تهدف إلى معالجة واقع المجتمعات من خلال عرض مقاربات علمية واجتماعية وفكرية حول وضعية المرأة نظرا للدور الكبير الذي تضطلع به في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب، وذلك بقطع النظر عن الانتماءات الإيديولوجية والثقافية والحضارية. وقد تراوحت المداخلات في مجملها بين ما هو علمي يعنى بسلامة الجسد والنفس والتوازن الاجتماعي وما هو تشريعي أو شرعي يراعي خصوصية المجتمعات في التعاطي مع قضايا المرأة والمطالب الإصلاحية لواقعها في مستوى الأنظمة والقوانين والهياكل المحلية والدولية التي تعنى بهذا العنصر في المجتمع. رغبة الاستئناس بالتجربة التونسية أما فيما يتعلق بالمشاركة التونسية في هذا الملتقى الدولي فقد حظيت بترحيب واهتمام خاص من قبل الجهات المنظمة للملتقى نظرا لما أبدته هذه الجهات من مساع للاستئناس بالتجربة التونسية. وذلك فيما يتعلق بالتشريعات الرائدة التي تضمن للمرأة حقوقها وتحمي الأسرة والمجتمع في مجالات الصحة والتعليم والعمل وتحقق التوازن النفسي والاجتماعي المطلوب. مما جعل من المجتمع التونسي حسب رأي أغلب الحاضرين مثالا نوعيا بفضل نجاحه في إيلاء المرأة المكانة التي تليق بها. تزامنت هذه المبادرة مع التغيير الذي ما انفكت تسجله المرأة في إيران في السنوات الأخيرة والذي تجلى بالأساس في الانفتاح غير المسبوق على محاولات الإصلاح والتطوير لواقعها من خلال المساعي المبذولة لتمتع بالحقوق على نحو تكون فيه دعامة للتنمية في بلادها. وذلك بتوفير الفرص المهنية والتشغيلية والتكوينية وفق قوانين تدعم حقوقها وطنيا ومكانتها على المستوى الدولي.ولئن ضم الوفد التونسي إلى إيران بمناسبة انعقاد الملتقى الدولي الأول حول الدور المرأة في تأمين سلامة الأسرة والمجتمع كفاءات في اختصاصات علمية واجتماعية وفكرية هامة فإن هذا لا يعني أن الحضور التونسيبإيران بهذه المناسبة كان كله إيجابيا. وقد يكون من المفيد التدقيق أكثر مستقبلا في اختيار الوفود التونسية إلى الخارج خاصة إذا تعلق الأمر بطرح تجارب نقل صور وطنية حتى نضمن أوفر الحظوظ لتمثيل تونس تمثيلا ناجعا. فالحديث مثلا عن صورة تونس خلال الملتقى الدولي لم يعكس في أغلب الحالات الحقيقة. وما نعتقد أن الجميع يحبذه هو أن تكون الصورة التونسية حقيقية تنطق الواقع وتنفتح على ما يقدم الإضافة المرجوة للمشروع الإصلاحي دون محاولة لتزييف الوقائع أو تجميل الحقائق أو إسقاط نماذج. فبلادنا مترسخة في التاريخ ومتجذرة في الحضارة ومنفتحة على ثقافات مختلفة ولا يمكن أن تستكين إلى أي تجربة أو نموذج واحد.لا سيما أن بلادنا في مرحلة إعادة هيكلة وبناء ومجتمعنا لا زال يبحث عن التوازن المفقود في ظل الحراك غير المسبوق للتيارات والتجاذبات السياسية التي تبحث عن دعائم التأييد للجهات التابعة لها حتى وإن استدعى الأمر استغلال مثل هذه المناسبات الدولية "لنشر الغسيل" من خلال نقل الجانب السلبي في مجتمعنا على اعتبار أن المسؤول الأول عن ذلك هو الطرف المقابل في اللعبة السياسية. في حين تناسى هؤلاء أن المستهدف في نهاية الأمر هو المجتمع التونسي بتنوعه وتفرده واختلافه.