خفضت مؤسسة»ستاندارد اند بورز»التصنيف الانتمائي السيادي لتونس بمقدار درجتين إلى الدرجة عالية المخاطر عند»ب ب»،و عزت ذلك إلى ضعف مؤشرات الاقتصاد والمالية العامة والدين الخارجي،أكثر من المتوقع،رغم الاستقرار السياسي العام. ولئن قلل رئيس الحكومة من أهمية مسألة هذا التخفيض الجديد،فإن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للخبراء الاقتصاديين. الخبير الاقتصادي معز الجودي قدم ل»الصباح» رؤيته لهذا التصنيف الجديد والانعكاسات المنتظرة له وكذلك الحلول التي يراها ضرورية في هذه المرحلة للخروج بتونس من هذا المأزق الاقتصادي الذي وجدت نفسها فيه. قال الخبير الاقتصادي ل»الصباح»إن عملية التصنيف الانتمائي السيادي للدول تقوم بها الوكالات المختصة بطلب من الحكومة وهو ما حصل بالنسبة لتونس،وذلك بهدف التمكن من الاقتراض من الأسواق المالية العالمية،وتبعا لهذا الطلب تم إرسال فرق للمعاينة والتدقيق تابعين لمؤسسة «ستاندارد اند بورز»قاموا بالاتصال بالمسؤولين في الوزارات وتحصلوا على عديد المعطيات المتصلة بمهامهم التي تختم بإصدار قرار الترقيم الذي يمكن أن يكون سلبيا كما هو الحال بالنسبة لتونس أو ايجابيا على أساس أن منطلقات واقعية. وأكد الخبير على خطورة التصنيف الأخير،والأخطر من ذلك في نظره هو أن الوكالة المذكورة قد وضعت تونس في منطقة الدول ذات النسبة العالية من المخاطر،وتنصح بعدم إقراضها،أي أنه ليس بإمكان تونس الاقتراض من السوق المالية العالمية. ولاحظ عدم ايلاء الحكومة المسألة الأهمية اللازمة، وعلى تعويلها على الاقتراض من قطر أو من أمريكا، أو من دول أخرى بضمان أمريكي موضحا أن هذا الضمان غير محدود في الزمان ومحدود في القيمة أي مليار دولار، وقال»تحصلنا على 540 م د من قطر والحكومة الحالية في حاجة إلى 4,320 مليار دينار في قانون المالية المصادق عليه مؤخرا، و هنا أتساءل عن المصدر الذي ستوفر منه الحكومة التونسية هذا المبلغ». وأوضح أن بهذا التصنيف الجديد لم يعد لتونس هامش تحرك، بل إن التحرك سيرتبط ببلدان معينة مثل قطر أو أمريكا وهو ما قد يؤدي إلى فقدان نوع من استقلالية القرار، وكذلك على مستوى السيادة الوطنية. وقال :»يمكن أن يقرضونا بشروط مجهولة»على حد تعبيره. كما أنه مع هذا التصنيف سيصبح الاقتراض من السوق المالية العالمية مستحيلا، وهو ما سيشجع دولا مانحة على المخاطرة وبنسب فائدة مهولة وكذلك بتكلفة مالية مرتفعة. الترقيم يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار أكد معز الجودي أن الترقيم الجديد يجب أن يأخذ بعين الاعتبار خاصة وأن المؤسسة أدرجت ملاحظة هامة حول عدم الثقة في الحكومة الحالية وفي قدرتها على تنشيط الاقتصاد الوطني،وهو ما لا يشجع المستثمرين الأجانب الجدد على القدوم إلى تونس والاستثمار فيها،وبالتالي فإن الانعكاسات ستكون سلبية على كل المستويات. وعن الحلول التي يقترحها للخروج من هذه الوضعية، قال إنه من الضروري وضع خارطة واضحة المعالم للفترة القادمة تتعلق بتواريخ وضع الدستور والانطلاق في العمل به وموعد الانتخابات»وتلك مسؤولية الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي ورئاسة الجمهورية،»وأضاف أنه ليس بإمكان الحكومة مواصلة عملها بالتركيبة الحالية،وأنه عليها الاقتصار على 15 وزارة فقط وكذلك تعيين وزراء معروفين على الساحة العالمية كرجال مال وسياسة»وتلك إشارات صريحة ومطمئنة نقدمها للعالم على عزمنا الصادق على الإصلاح». وفي حديثه عن الوزارات التي يجب في نظره الاستغناء عنها قال ، إنها الوزارات التقنية، أي التنمية الجهوية والتشغيل والصناعة والمالية. وأضاف أن الحكومة الحالية مطالبة بوضع إستراتيجية اقتصادية واضحة خاصة بالأشهر القليلة القادمة، تتضمن الأهداف والمواعيد، مع ضرورة التركيز على العناصر التالية في رأيه،وهي :توفير الأمن،وإرساء حوار اجتماعي مع كل الأطراف يرقى إلى مستوى التطلعات والانتظارات، التخفيض من مستوى التضخم الذي وصل إلى 5,7 بالمائة، إلى جانب العمل على تحقيق نسبة نمو واقعية ب 2 بالمائة لخلق مواطن الشغل والحد من البطالة» علما بأن الخبراء اتفقوا في تحاليلهم على أن نسبة نمو ب1 بالمائة توفر 15 ألف موطن شغل،وكلما تطورت النسبة تطورت معها الإحداثات» وختم الخبير الاقتصادي حديثه إلينا بالتأكيد على أن تصريحات أعضاء الحكومة بالأرقام الكبرى حول إحداثات الشغل في 2012 والتي لا يمكن تحقيقها بالنظر إلى الظروف الحالية هي التي تؤثر في مصداقية الحكومة وبالتالي تؤثر أيضا على التصنيفات الدولية لبلادنا.