إنتابني حزن الأناشيد المدرسيّة و رحلت بي الذاكرة إلى قصيدة معروف الرصافي التي وصمت ذاكرة جيل :لقيتها ليتني ما كنت ألقاها - تمشي و قد أثقل الإملاق ممشاها - أثوابها رثة و الرّجل حافية - و الدّمع تذرفهُ في الخدّ عيناها إلتقت «الصباح» انتصار بن عمار القاطنة بالشابة وهي تلوّح بلافتة على هامش الاجتماع الذي عقده الوفد الوزاري حول حزمة مشاريع التنمية بولاية المهدية يوم الأربعاء الفارط كتبت عليها «...ابنتي تعرضت إلى الاغتصاب أمامي». وروت حكايتها التي تقض المضاجع وتدعو للحيرة وتدفعنا للتساؤل حول لامبالاة المجتمع وتجاهل مؤسسات الدولة لانحدار الإنسان إلى أدنى عتبات الفقر والبؤس. تقول انتصار التي اجتمعت عليها غوائل الدهر من عوز وبطالة ومرض بأنها مطلقة وأم لبنتين قاصرتين وتعيش التشرد هي وبناتها بلا مأوى تلفظهما شوارع مدينة الشابة من ركن إلى ركن وروت بكل انفعال وجداني صراعها المرير مع التشرد الذي دفعها إلى عتبات منزل مهجور «خربة» كان بمثابة خمارة الحي اتخذته كملجإ فكان حالها كالمستجير من الرمضاء بالنار حيث تعرضت ابنتها القاصر إلى الاغتصاب أمامها وذكرت انتصار بأن السلط الأمنية بالجهة على علم بقضية ابنتها التي حاولت الانتحار عديد المرات مشيرة إلى أنها تعرضت للتهديد ببندقية صيد من طرف مغتصب ابنتها إذ هي واصلت تتبعه قضائيا. قدر هذه الأم المسكينة أن تحارب ظلم المجتمع والبيروقراطية المتفشية ورغم المحن واصلت انتصار حسب شهادتها صراعها من أجل الحصول على سقف يأويها مؤكدة بأنه سبق لها أن تقدمت بمطلب للتحصل على سكن اجتماعي منذ سنة 2003 كما اتصلت بالقصر الرئاسي والمجلس التأسيسي إبان الثورة ولكن طلبها جوبه بالمماطلة والتسويف والوعود.. لذلك أهابت انتصار عبر»الصباح» بالسلط الجهوية بضرورة الإسراع بانجاز المساكن الاجتماعية في الشابة حتى تنقذ بناتها من صقيع الإسفلت ووحشة الشارع وقسوة مريديه ليلا مؤكدة أن حالتها طارئة وتستوجب التدخل الفعلي وهي لا تنشد سوى إنقاذها هي وبناتها من فراغ الشارع المقيت وحفظ كرامتها جازمة بأنها لن تسرق ولن تبيع شرفها رغم جور الزمان والمجتمع صارخة «أنقذوني أنا وفلذات أكبادي من الشارع». وبكتْ من الفقر فاحمرت مدامعها واصفرّ كالورْس من جوع مُحَيّاها كما قال معروف الرصافي