القاعدة» تغير استراتيجياتها وفق مقتضيات المرحلة ولا تتردد في التعامل مع الاوضاع الراهنة بما تمليه المرحلة من تحديات، ومصلحة «القاعدة» تتطلب اليوم منها التعامل مع المشهد في أكثر من بلد من بلدان الربيع العربي وغيرها بكثير من الانفتاح وهو ما يعني أنه لن يكون هناك مانع من دخول العناصر النسائية الميدان مباشرة والضلوع في المعركة القادمة التي لم تعد تخفى على مراقب. والانطلاق كان طبعا باقتحام زوجة الظواهري نفسها الميدان لتقدم المثال وتتولى المعركة الاعلامية القادمة وعملية التعبئة والتجييش للنساء الوجهة الجديدة للتظيم... لقد توقف أغلب الملاحظين عند الرسالة الصوتية لزعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري التي توجه بها للتونسيين ودعوته لهم بالثورة مجددا والانقلاب على حركة النهضة التي يبدو أنها خيبت أمله في تحقيق الشريعة في البلاد بعد نجاح الثورة الشعبية في اسقاط نظام بن علي، ولكن في المقابل تجاهل جل الملاحظين رسالة زوجة الظواهري التي يبدو أن صداها لم يذهب بعيدا تماما كما كان الحال مع رسالة بعلها التي تاهت وتحطمت في ارجاء المغاور النائية التي يتخفى فيها... صوت المرأة لم يعد عورة يجب اخمادها، فالضرورات تبيح المحظورات ونصرة الزوج ظالما أو مظلوما واجب مقدس لا مجال للتخلي عنه، وما كان بالأمس ممنوعا بالنسبة للقاعدة بات مسموحا به، وصوت المرأة اذا كان سيجلب للتنظيم التأييد والدعم سيكون أمرا مطلوبا ومشروعا وقد لا تتأخر الفتاوى المطلوبة لذلك... أصداء رسالة زوجة الظواهري أميمة حسن التي سبقته هذه المرة في مخاطبة النساء في دول الربيع العربي والثناء على دورهن في تحقيق الثورة وحرصها على التبشير بربيع إسلامي وشيك، وهو بالتأكيد تكتيك جديد من جانب تنظيم «القاعدة» يستهدف شريحة مهمة من المجتمعات المعنية ويتجه بشكل واضح ومكشوف الى استقطاب والتأثير على فئة لا يستهان بها من شعوب دول الربيع العربي في مرحلة لا تخلو من الحساسية والخطورة وفي فترة لا يختلف اثنان بأن الكثير من أبناء شعوب دول الربيع العربي يعيشون حالة من الفراغ والضياع نتيجة للاوضاع الاجتماعية والامنية والاقتصادية والسياسية السائدة وغياب الرؤية الواضحة حتى الآن الى جانب غياب وجود خارطة سياسية لتحديد التوجهات المستقبلية في خضم التجاذبات السياسية والصراعات الحاصلة بين المتنافسين. رسالة زوجة الظواهري في هذه المرحلة ليست بالبراءة التي تبدو عليها في دعوتها لنصرة الاسلام والمسلمين وتحرير القدس واقامة دولة الخلافة الاسلامية وهي تحمل في طياتها محاولة لاستمالة العنصر النسائي في محاولة لكسب لا تعاطف المرأة المعنوي فحسب ولكن دفعها وهذا الاهم الى تبني أفكار تنظيم «القاعدة» الهدامة والترويج لها بين الاجيال الصاعدة التي غالبا ما تكون قريبة من الأم والأخت لنشر فكرة الجهاد بينهم وهي محاولات بدأت تتضح أكثر فأكثر في المدة الاخيرة بعد أن ضاقت السبل على خليفة زعيم تنظيم «القاعدة» الذي بات يبحث لنفسه عن موقع خارج الحدود الافغانية الباكستانية . حكمة الدكتور الظواهري قادته الى دعوة الجزائريين قبل فترة للثورة والاقتداء بالتونسيين فلم يفلح في تحريك سواكنهم، وكان قبل ذلك توجه الى الشعب المصري لتهنئته بعد سقوط نظام مبارك ودعوته لنصرة الشعب الليبي، وتوجه بعد ذلك الى الشعب السوري، وقبله الى اليمنيين، وفي كل مرة كانت تسجيلات الظواهري ورسائله تضيع وتتلاشى لتؤكد أن الرجل - حكيم زمانه - لا علاقة له بما يحدث في دول الربيع العربي وأن محاولاته السطو على ثورات الشعوب لا يمكن أن تفلح وهو الذي كلما تنقل الى مكان إلا وجعله خرابا موصوفا. صوت زوجة الظواهري كصوت زعيم تنظيم «القاعدة» لا يمكنه أن يأمل في تحقيق ما يرنو إليه لسبب بسيط وهو أن الشعوب التي اتجه إليها لديها ما يكفي من سعة الاطلاع على دينها وعمق الارتباط بهويتها وجذورها وحاضرها ومستقبلها لكي يجنبها الانسياق الى ما يمكن أن يلغي وجودها...