عادت إلى السّطح مسألة تفعيل الفصل 15 الصّادر عن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة عبر تفعيل قانون تحت مسمّى "العزل السّياسي". ويبدو أن هذا السعي نحو العزل قد اتخذ هذه المرة طابعا أكثر جدية باعتبار أن الذي لوح به هذه المرة هو حركة النهضة رغم نفي رئيس الكتلة النيابية للحزب بالمجلس التأسيسي الصحبي عتيق صحة الخبر. هذه المسالة أخذت طابعا أكثر إلحاحا اثر النجاح الذي لاقته مبادرة الباجي قائد السبسي بإعلانه عن تكوين حزب "نداء تونس". ويبدو حسب عديد المراقبين أن الفريق الحاكم يعي حقيقة التنافس الذي يشكله قائد السبسي ومجموعته وهو ما دعا إلى اتخاذ مبدا الاقصاء عنوانا لحملة انتخابية تتخذ من الشعارات الثورية وأساسها القطع مع منظومة الفساد والاستبداد رمزا لها. ويفهم ذلك من خلال لقاء طرفي الحكم "النهضة" و"المؤتمر" على ضرورة إبعاد رموز النظام السابق فيما بقي حزب التكتل دون موقف واضح إلى حد الآن وقد كانت الكتلة النيابية لحزب المؤتمر قد تقدمت في وقت سابق بمقترح جاء فيه أن الإقصاء يجب أن يشمل " كل أعضاء الحكومات في الفترة الممتدة بين 7 نوفمبر 1987 و14 جانفي 2011 وكذلك كل من تحمل المسؤوليات التالية في التجمع الدستوري الديمقراطي: أمين عام، أمين عام مساعد، عضو ديوان سياسي، عضو لجنة مركزية، كاتب عام لجنة تنسيق، كاتب عام جامعة، رئيس شعبة، وذلك لمدة 5 سنوات من صدور هذا القانون." ويتوقع العديد من الملاحظين أن تشهد مبادرة قائد السبسي ردة فعل قوية من قبل الرافضين لوجود الوزير الأول السابق في الحياة السياسية من جديد. وعلمنا أن مقترحا تقدم به نواب المؤتمر على أن يكون التصويت على هذا القانون سيحسم عبر رفع الايدي وهي مسالة ستضع كثيرا من الاطراف داخل المجلس في دائرة من الحرج لاعتبارها قوى ثورية. في المقابل علمت "الصباح" أن مجموعة من المنتمين إلى مبادرة قائد السبسي اعدوا عريضة أطلق عليها "العريضة المليونية" للإمضاء فيها قصد إيقاف إجراء الإقصاء. كما علمت "الصباح" أن مجموعة أخرى خيرت إعداد ملف لتقديم شكوى دولية لدوائر حقوقية عالمية. وبعيدا عن هذا وذاك يبقى السؤال هو: كيف لرئيس قادم أن يترشح للرئاسة وسط هذه التجاذبات القانونية القاضية بإقصاء منتمين إلى تيار سياسي؟ وربما لأمر كهذا نفهم إصرار الرئيس المؤقت منصف المرزوقي على عدم الدخول في هذه المعركة والناي بنفسه عنها وقد ظهر ذلك في آخر تصريح له في احدى القنوات التونسية الخاصة حيث أوضح "انه غير معني بما طرحه حزب المؤتمر وان مسالة الإقصاء سابقة لأوانها."