مئات الآلاف من الشباب والفقراء نزلوا للشوارع قبل الثورة وبعدها في منطقتي «الحوض المنجمي» والقصرين ..وفي بن قردان وسيدي بوزيد وجندوبة وصفاقس ..ثم في الساحل والعاصمة ..الخ لماذا ؟ بكل بساطة كان شعارهم المركزي : « الشغل استحقاق يا عصابة السراق».. ثم «خبز وحرية وكرامة وطنية» ..و«شغل وحرية وكرامة وطنية».. ..لكن بعد عام من الانتظار وخيبات الامل الاجتماعية، فرض « محترفو» السياسة و«خطباء الصالونات» صراعات هامشية ونزاعات ثانوية حول « جنس الملائكة» ( هل هم من الإناث او الذكور ؟؟)و « ختان البنات» و«الفصل 9999 من قوانين» بلاد «الواق واق» ومشاريعها الدستورية ..الخ وعوض التعجيل بصياغة الدستور الجديد وتنظيم الانتخابات التي ستريحنا من «المراحل الانتقالية»، وعوض البدء في معالجة مشاغل مليون شاب فقير وعاطل عن العمل ، تورّطت النخب مجددا في «معارك كلامية» و«صدامات دون كيشوطية» وحروب «افتراضية» بين «رموز» مؤسسات الدولة .. وبقدرة قادر تتغير التحالفات والحسابات ..وتتداخل الاجندات .. بما يطرح مصداقية الدولة في الميزان ..وينذر بمخاطر سياسية وأزمات ثقة بين تونس والمؤسسات المالية والاقتصادية العربية والعالمية ..بل إن الاخطر من ذلك هو أن أزمة ثقة الشباب في السياسيين قد تستفحل ..مع خلط بين النزهاء و» المافيات « .. بين الكفاءات و»تجارالشعارات « ..بين المخلصين للشعب ومطالبه المشروعة ومحترفي الجري وراء المناصب والكراسي الحزبية والحكومية .. فحذار من انفجار القنابل الاجتماعية والشبابية مجددا في وجه كل زعامات احزاب المعارضة والحكومة في نفس الوقت ..بسبب استفحال معاناة اكثر من مليون شاب فقير وعاطل عن العمل ..مثلما انفجرت مرارا «فجأة» ..لاسيما في جانفي 1978 و 1984 ثم في جانفي 2011.. قد تكون وراء «الاضرابات العشوائية» و«اضطرابات ما بعد معرض قصرالعبدلية» أجندات مشبوهة و«مؤامرات» ..لكن انتشارها السريع في كامل البلاد قد يكون «صيحة فزع» واشارة حمراء من الشباب لكل السياسيين الذين يهدرون طاقاتهم وطاقات البلد في معارك « سياسوية» لا علاقة لها بمشاغلهم ولا بالمطالب الاجتماعية والاقتصادية الملحة التي يرفعونها منذ مدة مع بقية الفقراء والمهمشين وابناء الطبقة الوسطى الذين تدهورت وضعيتهم.. فكفانا تجاذبات.. ولتعط الأولوية للتوافق والحوار الوطني خدمة لمطالب الشباب والفقراء الحقيقية.. و على رأسها الحق في الشغل والعلاج المجاني والنقل العمومي اللائق..