رغم أهمية الدور الموكول للشركات التعاونية الفلاحية وتعدد المزايا الخدماتية التي تخولها للمنتجين والناشطين في القطاع برا وبحرا لم تشهد هذه الهياكل المهنية الإقبال المرتقب من عموم الفلاحين. وظل الانخراط بها ضعيفا جدا لا تتجاوز تقديراته 5 بالمائة من مجموع الفلاحين. التوقف عند هذه التجربة وتشخيص واقعها واستشراف الحلول الكفيلة بتفعيل دورها وإضفاء النجاعة الكافية على تدخلاتها وضمان مستوى أرفع من الاندماج لها صلب المشهد الفلاحي يمثل الركائز الرئيسية للملف الذي تنكب وزارة الفلاحة على تدارسه صلب لجنة فنية خاصة تعمل انطلاقا من تقييم الوضع الراهن لهذه التعاونيات على تطارح التصورات والمقترحات الكفيلة بإخراج هذه الهياكل من عنق الزجاجة الذي تردت فيه وانتشالها من حالة الجمود وطوق التقوقع الذي فرض عليها أو فرضته على نفسها. وذلك بتكليف اللجنة بتعميق التفكير والحوار حول الإطار القانوني للشركات التعاونية ومزيد تفعيل دورها. وقد انطلقت جلسات الحوار والتشاور مع الأطراف المعنية بالملف من فلاحين وبحارة وهياكل مهنية وإدارية وبنكية لمناقشة وثيقة عمل اهتدت الوزارة إلى صياغتها. تقرير ومن خلال تقرير تحصلت عليه «الصباح» تبرز المعطيات المضمنة به مؤشرات حول واقع هذه المؤسسات التي يبلغ عددها حاليا 165 شركة أساسية تغطي 24 ألف منخرط وتتعامل مع حوالي 35 ألف متعامل وتتواجد بشكل بارز بالمناطق الساحلية بنحو 104 شركات والجهات الداخلية ب61 شركة. وتنشط أغلب التعاونيات في قطاع الحليب عبر 61 شركة. يليها قطاع الخضر والغلال ب34 شركة. وتتدخل 23 شركة في مجال الكروم وتنشط 12 في قطاع الدواجن و11 شركة في مجال الصيد البحري وتنشط 10 تعاونيات في قطاع زيت الزيتون. وحول وضعية النشاط فإن المعطيات المتوفرة تضبط 26 شركة تواجه صعوبات منها 21 متوقفة عن النشاط. وتصنف 36 شركة في خانة التعاونيات ذات النشاط الطيب.وبالنسبة للشركات التعاونية المركزية يبلغ عددها 12 وحدة تضم نحو 3 آلاف منخرط تتوزع بين 5 شركات ناشطة في قطاعي الحبوب والبذور والبقية ذات أنشطة مختلفة.وبالرغم من الامتيازات الجبائية والمالية والإعفاءات الديوانية المخولة لها ورغم تطوير إطارها القانوني ظلت الشركات التعاونية الفلاحية تواجه عديد الإشكالات التي تتصل في جانب هام منها بضبابية علاقتها بسلطة الإشراف وعدم احترام الإطار القانوني المنظم لها وسوء التصرف المالي والإداري.ومن بين مظاهر الإشكالات المرصودة في مستوى التعاونيات الأساسية ما يتعلق بضعف نسبة التأطير بها وافتقارها للعنصر البشري الكفء في التسيير, وافتقار معظم الشركات إلى هيكل تنظيمي، ولا يتجاوز عدد الشركات المتوفرة على نظام داخلي 29 شركة. إلى جانب محدودية دور أعضاء المجالس الإدارية في التسيير, وعدم تجديد هذه المجالس وعدم احترام التراتيب القانونية، علاوة على إشكالية العجز المالي الذي يقف وراء توقف نشاط 21 شركة. علما أنه بالنسبة للتعاونيات المركزية تبرز مشكلتها الكبرى في ارتفاع حجم مديونيتها حوالي 534م. د. وعدم القدرة على الإيفاء بالتزاماتها. الخروج من النفق وتكمن أبرز المقترحات التي توصلت إليها الاجتماعات الوطنية والإقليمية المنتظمة منذ جانفي 2012 لتجاوز الصعوبات القائمة حسب ما توفر لنا من معطيات في توسيع مجال نشاط التعاونيات وتقديم خدمات مندمجة لمنخرطيها وتيسير علاقتهم بمؤسسات التمويل. واعتماد تصنيف موحد للتعاونيات، مع إحداث اتحاد للشركات التعاونية للخدمات الفلاحية وتوسيع التزامات المنخرطين لتشمل المساهمة في رأس مال الشركة وفي تحقيق أهدافها التنموية وتسييرها.وعلى مستوى مجلس الإدارة يقترح تحديد مدة النيابة بثلاث سنوات وتكريس مبدإ مجانية وظائف المتصرفين وتكوينهم في مجال التسيير. ودعت التوصيات إلى توضيح العلاقة مع سلطة الإشراف بالتفريق بين المتابعة الفنية من طرف المندوبيات الفلاحية والمراقبة المالية الموكولة للمصالح المالية المكلفة بالرقابة. وتركز المقترحات بقوة على مراجعة منظومة التشجيعات لفائدة الشركات التعاونية وتركيز هيكل يعنى بالنهوض بالهياكل المهنية الفلاحية.. وتبقى التوصيات متعددة تصب كلها في تجاوز عقبات الحاضر وتذليل الصعوبات من أجل مزيد تفعيل مهام تعاونيات الخدمات الفلاحية واستقطاب أكبر عدد من الناشطين في القطاع الفلاحي بما يعزز ثقة المنتج في هذه الهياكل ويعيد لها اعتبارها.