في الوقت الذي خيّر فيه عدد من المستثمرين (كرها) إيقاف أنشطتهم الاستثمارية في تونس وتحويل وجهة مشاريعهم نحو بلدان أخرى بتعلة تصاعد حدة التوتر الاجتماعي والأمني خلال 2011 أمضى مستثمر إسباني غير غريب في تعاملاته عن الديار التونسية مع وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية اتفاقية تعاون لإنجاز مشروع فلاحي استثماري بقيمة 169مليون أورو قصد التوسع في مشاريعه المنتصبة منذ سنوات بالحامة (ولاية قابس) إلى 3000هك ستكون موزعة على عديد الولايات لإنتاج الخضروات والغلال... وتكمن أهمية المراهنة على هذا المشروع الضخم ولعله الأضخم على الإطلاق في المجال الفلاحي في ما سيوفره من مواطن شغل ينتظر أن تبلغ 25ألفا بين يد عاملة وإطارات مختصة من مهندسين وفنيين على مدى سبع سنوات.وهو تعهد إلتزم به صاحبه كتابيا وأعلن عنه خلال حفل تكريم نظم على شرفه بوزارة الفلاحة صباح أمس بعد اختياره أفضل مستثمر رشحته وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية لنيل جائزة أفضل مشروع شراكة فلاحية في تونس من بين 10مؤسسات أخرى. وفي تصريح خاطف ل«الصباح» أبدى سان تياغوغالون ممثل شركة «سانلوكار» تحمسه لمواصلة العمل والاستثمار في تونس وقال « إن مناخ الاستثمار في القطاع الفلاحي المشجع والواعد في بلادكم أقوى من أجواء المناخ السياسي وتجاذباته ومن توتر الوضع الاجتماعي الذي كان سائدا السنة الماضية.» وأضاف بأن الظروف الصعبة والاستثنائية التي تعرض لها حينها جراء الاحتجاجات والإعتصامات لم تحمله على التفكير في المغادرة بل خلافا لذلك بادر إلى توسيع المشروع الأصلي الممتد على مساحة 60هك والمشغل ل900عامل وإطار بالحامة وضخ استثمارات جديدة مع برمجة توسعة أخرى لاحقا ما يعزز فرص العمل والتشغيل بالجهة. وإعتبر المتحدث أنّ ما يطلبه وينتظره من العاملين هو العطاء والبذل واعدا أنه بقدر البذل يكون الكسب بل وكلما كان العمل أكثر يكون مقابله مضاعفا. وختم تصريحه بتوجيه رسالة طمأنة إلى المستثمرين لبعث مشاريعهم في تونس والاستفادة من مناخ الاستثمار الملائم. رسالة مباشرة في سياق متصل عقّب كاتب الدولة للفلاحة الذي حضر إلى جانب وزير الفلاحة ومدير عام وكالة الاستثمار الفلاحي حفل التكريم بأن الرسالة التي تعكسها هذه اللفتة الإحتفائية بالمستثمر الإسباني ، ترمي إلى دعوة المستثمرين أجانب وتونسيين إلى الاستثمار في الفلاحة، وتوجيه عنايتهم واهتمامهم إلى هذا القطاع الواعد إنتاجا وفرصا استثمارية لا تقل أهمية ومردودية عن بقية القطاعات الصناعية وغيرها. وفي معرض حديثه عن التوسعة المنتظرة لمشروع الشراكة الفلاحية ل»سانلوكار» أورد الحبيب الجملي ل-الصباح-على هامش حفل التكريم بأنّ المستثمر إلتزم بتوفير 25ألف موطن شغل منها 10في المائة ما يعادل إطار و2500موزعين مابين مهندسين وفنيين وهذا يفوق بكثير عدد المهندسين المنتسبين لوزارة الفلاحة.بما يبرز ضخامة الاستثمارات المرصودة لمشروع التوسعة الذي سينتصب حسب طبيعة النشاط الإنتاجي بكل من بنزرت والوطن القبلي والقصرين وسيدي بوزيد. ويعتمد المشروع الأم بالحامة -والذي يرتقب أن تكون تفرعاته أضخم وأكثر إمتدادا من تجربة الشراكة الأولى- نظام التصدير الكلي لمنتوجات الخضر تحت البيوت المحمية والمسخنة باستعمال المياه الجيوحرارية، وتوظيف أحدث التكنلوجيات في الإنتاج. ويعتزم باعثه تنويع أصناف المنتوجات مستقبلا من غلال طازجة و خضر بدرية و آخر فصلية، وذلك لما تحظى به من صيت بارز و إقبال متزايد في الأسواق التصديرية بأروبا.. تسريع الإنجاز هو إذن مشروع واعد ينتظر تيسير أسباب إنجازه وتجسيمه لا سيما على نطاق توفير المساحات المطلوبة لإقامة المشروع والتي أكد لطفي غديرة مدير عام وكالة النهوض بالإستثمارات أنه مهما كانت صيغتها فإنها لن تعتمد التفويت. ولأنّ مشاريع الشراكة والإستثمار في القطاع الفلاحي تتعدد ولا تتشابه وإن تفضي كلها إلى هدف واحد هو تنمية القطاع أبدى غديرة ثقة في تجسيم العديد من نوايا الإستثمار وأفكار المشاريع التي تم تطارحها في لقاءات الشراكة المنتظمة هذه السنة وآخرها لقاء ماي بالحمامات الذي جمع 25مستثمرا أجنبيا و100مستثمر تونسي قاموا بربط العديد من لقاءات التبادل والتعاون الفلاحي والإتفاق على عقود إنتاج. كما ستعكف الوكالة في غضون الأيام القليلة القادمة على ربط الصلة بين المؤسسات البنكية ومجموعة من المستثمرين التونسيين وهياكل التمويل المختلفة لتدارس المشاريع القابلة للتمويل وحصر الإشكاليات والعوائق التي من شأنها عرقلة التمويل البنكي بما يجعل من اللقاء المنتظر فرصة عملية لدفع الإستثمار المحلي في الفلاحة.