بعد انهيار نظامي العراق وليبيا لأسباب عديدة من بينها الاستبداد والفساد وخوضهما حروبا غير مسموحا بها مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي والدول الاطلسية ، تهتز الاراضي السورية هذه الايام وتشهد معارك « حاسمة « قد تؤدي الى انهيار النظام الاستبدادي الذي يحكم البلد منذ عقود.. و لا يمكن إلا تأكيد حق الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والإصلاح الجذري وانتخاب ممثليه في المؤسسات الحكومية .. كما لا يمكن تبرير سياسة المكيالين الامريكية والاطلسية عند التعامل مع ملفات حقوق الانسان دوليا ..و» برودة الدم « أمام الانتهاكات لحقوق الانسان في الدول العربية وخاصة في بلدان باتت أولوية الاولويات غربيا واسرائليا فيها « تدمير كل شيء « تمهيدا لتدخلات اجنبية سياسيا وعسكريا بعد انهيار النظام السوري الحالي..الذي كانت تهمته الكبيرة منذ عقود مناصرة المقاومة الفلسطينية واللبنانية والتحالف مع طهران في صراعاتها السياسية والعسكرية مع اسرائيل و القوى الاطلسية .. لكن مهما كان مصير النظام السوري بعد الضربات الموجعة جدا التي تلقاها أمس بسبب اغتيال عدد من رموز الدولة في دمشق ، فان سوريا تبدو مقبلة على مرحلة جديدة ليس فيها أي رابح ..مرحلة مزيد من الابتزاز والاستنزاف.. مرة أخرى تبدو دولة عربية كبيرة من « دول المواجهة « لاسرائيل مخيرة بين الدمار والدمار ..بين الانهيار و» الفوضى الخلاقة «..بين نيران قوات القمع ونيران الدول الاجنبية والاستعمار الجديد .. مرت بهذا الوضع من قبل مصر والعراق وليبيا ولبنان والجزائر.. وكانت الحصيلة انهيار رموز الاستبداد والفساد رغم شعاراتهم الثورية والوطنية ..ثم انهيار البلد وكل قواته ..وصراعات قبلية وطائفية وانفلاتات أمنية واعلامية ..وفوضى اقتصادية .. و لا شك أن من حق الشعب السوري وحده البت في الخيارات المعروضة أمامه لتحديد مستقبله.. لكن لابد من الاعتراف أن قوى أجنبية عديدة تتربص بسوريا وترابها الوطني و موقعها الاستراتيجي وبدورها المعادي حاليا للمشاريع الاستعمارية الإسرائيلية والغربية ..وللأسف فان بين المتربصين بسوريا وبدعمها للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية حكومات عربية واسلامية من بينها سلطات انقرة .. ان المجتمع المدني في الشقيقة تركيا يقوم بدور ايجابي من خلال استضافتها للاجئين السوريين .. لكن انقرة ساهمت في تعقيد الاوضاع الانسانية والمادية والسياسية في الملف السوري من خلال اقامتها مناطق عسكرية تابعة لها داخل سوريا وعلى كامل الشريط الحدودي مع جارتها الجنوبية .. كما لايخفى أن التدخل العسكري الأجنبي المقنع في سوريا ينطلق منذ أشهر من التراب التركي عبر وحدات تلقى تدريبا ودعما حربيا من سلطات أنقرة .. ان تركيا التي نحبها تعني بالنسبة لنا «النموذج الناجح « للتقدم الاقتصادي والاجتماعي ..و» المثال الرائع « للوفاق بين الإسلام والديمقراطية ..بين الحداثة والهوية .. لكن تركيا التي يحق لنا أن ننتقدها بقوة هي تلك التي تسمح لقواتها بانتهاكات متتالية للتراب العراقي والتراب السوري تحت يافطات عديدة : مرة بدعوى تتبع « الانفصاليين الأكراد» ومرة أخرى «لحماية الحدود».. مرة أخرى تجد فيها المنطقة نفسها أمام معارك ليس فيها اي رابح ..بل كل أطرافها خاسرون .. والخوف كل الخوف من أن تدخل سوريا بعد تفجيرات أمس في مرحلة جديدة من الفوضى والصراعات الدموية الداخلية والنزاعات «الطائفية « ..وبذلك يعاد في سوريا ما سبق أن تورط فيه العراق ودول عربية وإسلامية عديدة من اقتتال مرعب..ومن استنزاف شامل للطاقات نتيجته جر المنطقة الى مزيد من المصائب ..ثم فقدان سوريا سيادتها على مزيد من اراضيها لفائدة اسرائيل جنوبا وغربا وتركيا شمالا وشرقا..