كيف نضمن حيادية المساجد؟وهل أن المساجد أماكن عبادة فحسب ام فضاءات لنشر العلوم الإسلامية؟ وهل نقف اليوم على مظاهر تهميش لبيوت الله؟ هذه الأسئلة كانت محور مائدة مستديرة التأمت أمس بأحد نزل العاصمة ببادرة من حزب الأمان وبحضور عدد من ممثلي الأحزاب وسط غياب ممثلين عن "الترويكا" ووزارة الداخلية. و لان الفترة الأخيرة شهدت بعض الانفلاتات في بعض المساجد على غرار بعض الدعاوي للتحريض والعنف فقد دعا اسكندر الرقيق عضو المكتب السياسي للحزب في كلمته سلطة الإشراف إلى ضمان مبدأ الحيادية وفرضه بالقانون إن لزم الأمر فضلا عن المراقبة الدورية للمساجد وتقييم أداء الوعاظ ومحاسبتهم. كما اقترح الرقيق تنظيم انتخابات حرة وشفافة لهيئة تتولى تسيير المساجد إلى جانب اختيار إمام خمس وإمام جمعة خطيب من قبل 5 مترشحين من قبل الهيئة المديرة. وعلاوة على ذلك دعا الرقيق الى إنشاء هيئة عليا مستقلة لحماية بيوت الله تشرف عليها هيئات إسلامية معتدلة. من جهة أخرى أشار لزهر بالي رئيس الحزب إلى أن "أساس المشكل اليوم هو مشكل سياسي استنادا إلى أن البلاد يحكمها حزب ترعرع في المساجد". وأضاف انه "رغم احترامه الكبير لهذا الحزب ولنضاله فان هذا الحزب مطالب بان يبرهن بأنه ترك الفضاء الديني ذاهبا إلى الفضاء المدني". غير أن ما يلاحظ وفقا لبالي هوان هذا الحزب "لا يزال حاضرا وبقوة في هذه المساجد التي يتراوح بينها وبين مقراته وهو لا يريد أن يخسر هذا المخزون الاستراتيجي الذي يؤمن له مصدر قوته ولا بد اليوم من الفصل بين الفضاءات الدينية والفضاءات المخصصة للعمل السياسي وذلك عبر ضبط جملة من الآليات التشاركية والوفاقية" وفقا لما أدلى به المتحدث. وخلص بالي إلى القول بان "مكمن الداء يتمثل في أن العملية السياسية لم تكن على قواعد واضحة الأمر الذي سيجرنا إلى كثير من التداخل والتذبذب في بناء المجتمع". خطر المدنيّة تجدر الإشارة إلى أن المائدة فتحت باب النقاش فيما يتعلق بحيادية المساجد أمام مختلف الأطياف السياسية وقد أشار رئيس حزب العدل والتنمية محمد صالح الحجري إلى أن "كلمة مدنية الدولة تمثل خطرا استنادا إلى أنها تقترن بمفهوم اللائكية". وقال الحجري في محاولة لتفسير وجهة نظره "بما أننا دولة إسلامية دينها الإسلام فلا مجال للتفريق بين السياسة والدين فالدين هو ديننا" و أضاف بأن الشريعة مدرجة في الدستور خاصة أنه لم ينجز ولم يعرض بعد على التصويت مشيرا إلى انه "حتى إذا ما لم تدرج "الترويكا" الشريعة في الدستور فانه ستتم المطالبة بإدراجها "أما فيما يتعلق بحيادية المساجد فقد أشار إلى أن المساجد "لا بد أن تكون محايدة لكن دون تفرقة بين الدين و السياسة". من جهة أخرى أوضح ناجي جلول من المكتب السياسي للحزب الجمهوري بان الإسلام "هو قاسم مشترك بين التونسيين غير أن ما نقف عليه اليوم هو تواجد مساجد غير محيّدة فاما أن نعمل على عدم تحزيبها او ننتهج مبدأ المحاصصة". و أضاف بما "انه لا يجوز اعتماد مبدأ المحاصصة فمن الأجدر أن يتم اتخاذ قوانين صارمة تضمن استقلالية المساجد فضلا عن تعيين ذوي الكفاءة والاختصاص لا سيما أن جامعة الزيتونة تزخر بالكفاءات".