إنه مأزق تام، لا يتراءى أي مخرج منه ذلك الذي حشر فيه النظام السوري نفسه وشعبه وبلاده فالدرس الذي يمكن استخلاصه مما يحدث اليوم في سوريا ومما حدث من قبل في ليبيا ومصر وتونس... بل حتى مما حدث قبل أكثر من عقدين من الزمان في الاتحاد السوفياتي وفي غيره من دول المعسكر الاشتراكي هو أن مسار الدكتاتوريات الحتمي مهما كان نوعها وشكلها يسارية او يمينية اشتراكية او ليبرالية، قومية او دينية او ايديولوجية، تقدمية او محافظة هو الانفجار إن سلما أو حربا. إن أي دكتاتورية باغلاقها قنوات الحوار الواحدة تلو الأخرى على مر السنوات داخل المجتمع وبارسائها لمناخ من الرعب والارهاب بين أفراده فإنها تقلل قبل كل شيء من نجاعة الهياكل التي تقوم عليها هي نفسها ومن جدوى وفاعلية اجهزتها هي قبل غيرها بحيث تختفي المعلومة الصحيحة بالنسبة للجميع، بالنسبة لمن يوجدون في اعلى سلم القرار أو في درجاته الوسطى، وهكذا فإن آليات الرصد والانذار والتوقي تصاب بالشلل التام ويصبح من غير الممكن تبعا لذلك القيام بأي قراءة صحيحة للواقع واتخاذ الخطوات المناسبة للإصلاح. إن الدكتاتورية تموت في النهاية لأنها تصل على مر السنوات إلى حالة عجز مطلق عن اصلاح نفسها بل إن هذا العجز يبلغ في نهاية المطاف حدودا سريالية لا يصدقها العقل من حيث القصور المطلق عن إجراء أي عملية تعديل أو إصلاح ولو كانت طفيفة وسطحية. ولكن أخطر ما في الأمر هو أن بعض الدكتاتوريات قد تجر معها في سقوطها بلادها برمتها اي انها تجرها بتشبثها بالحكم إلى آخر لحظة إلى الحرب الاهلية والتفتت وهو الخطر الذي يهدد حاليا سوريا وشعبها. فقد ضيّع نظام بشار الأسد على نفسه وشعبه فرصا عديدة للخروج من الأزمة بأضرار أقل بكثير من تلك التي تتهدهما حاليا. إن سوريا الحالية يطل عليها شبح الانفجار والتقسيم بتعنت النظام البعثي الذي طبق حرفيا مقولة «علي وعلى إعدائي». وعلى المعارضة السورية والدول العربية وجامعتها ان تعي كل الوعي أن وجود سوريا كبلد وكوحدة ترابية أصبح مهددا بصفة جدية وان تحاول انقاذ ما يمكن انقاذه قبل السقوط المدوي الوشيك للنظام وقبل فوات الأوان.