بحضور جمهور متوسط العدد، انطلقت ليلة أول أمس الجمعة 20 جويلية، سهرة ألعاب الخفة مع البهلوانيين الصينيين على ركح قرطاج الأثري في حدود العاشرة ونصف ليلا - وهو التوقيت الرمضاني لسهرات قرطاج-.. هي سهرة للأطفال لكنها مع ذلك أمتعت مصاحبيهم من آباء وأمهات فأبهرتهم وصفقوا طويلا حتى نهاية السهرة حين يفقد احد لاعبي العرض توازنه أو يسقط ما بيده من اكسسورات. فمهارات هؤلاء الأطفال والفتية تغفر لهم بعض الثغرات خاصة وأن جل اللوحات المقدمة لجمهور قرطاج ليلة الجمعة تزامنت مع السهرة الأولى لرمضان المعظم وجمعت الحس الفني الراقي النابع من عمق تاريخ بلاد الصين بإيقاعات موسيقية عالمية وشرقية من أبرزها نغم "بتونس بك" للراحلة وردة الجزائرية وعلى هذا النغم رقص احد لاعبي عرض "البهلوانيون الصينيون" في قناع يخفي الكثير من ملامحه ولباس تقليدي زين بألوان لامعة ليخرج من ردائه السحري في نهاية عرض علم تونس مرفوقا بباقة من الزهور.. صورة رمزية لاقت تفاعلا كبيرا من الحاضرين وبعضهم من الأجانب المقيمين في تونس أو من العاملين في السفارات الأجنبية إلى جانب بعض الوجوه السياسية في البلاد، حيث جلست نائبة رئيس المجلس التأسيسي محرزية العبيدي في الصف الأول صحبة ممثلي السفارة الصينية بتونس وعلى رأسهم السفير الصيني، تلتقط عديد الصور للعرض الذي نال إعجابها فيما فضل وزير حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية سمير ديلو الجلوس مع أطفاله وزوجته في الصف الأخير من الفضاء المخصص للمقاعد متمتعا بالجو العائلي ومتفاعلا مع لوحات لاعبي الخفة الصينين هذه السهرة أيضا لم يغب عنها كذلك أبناء المسرح والسرك فحضرت وجوه عديدة منهم لمشاهده احد أشهر فنون الفرجة في العالم منهم منال عبد القوي وهدى بن عمر. عرض المهرج كان الأقرب لروح الطفولة الحاضرة في قرطاج فتجمع عدد من الأطفال حول الركح يتابعون بانتباه كبير عمل صانع هذه الفرجة، حيث ابتكر اللاعب الصيني ببالوناته الملونة عدد من التصميمات المختلفة للحيوانات المحببة لدى الأطفال فرفض بعضهم مغادرة جوانب الخشبة دون الحصول على احدى البالونات أو التصاميم ممّا تسبب في بكاء عدد منهم في مقابل ضحكات آخرين كانوا أوفر حظا في نيل هدية المهرج الصيني. ألاعيب الأرجوحة والقفز على الحبال وحركات التوزان، مشهد تكرر كثيرا وطيلة ساعة ونصف على ركح قرطاج غير أنه في كل لوحة من لوحاته كان متجددا ومبتكرا يعكس في أعماقه ثقافة أرض عرفت هذا الفن منذ آلاف السنين.. تجذر في عاداتها وتقاليدها حتى صار رمزا من رموز حضارتها وصورة تروج عن ماضيها الزاخر بالفنون في الخارج.. مع بهلواني الصين ليلة أول أمس على قرطاج، غاب الجمهور في سحر الماضي وعاد به الزمان لأقدم حضارات التاريخ إلى زمن الأباطرة وملوك بلاد "السور العظيم" فمنذ ألاف السنين إلى اليوم والصينيون يتناقلون فنونهم وتراثهم للأجيال اللاحقة محافظين على خصوصياتها وتفردها. من جهة أخرى عقد المسوؤل على مجموعة "البهلوانيون الصينيون"، ندوة صحفية اثر العرض، قدم خلالها تاريخ فرقته التي أسست منذ سبعينات القرن الماضي وتعمل في هذا المجال انطلاقا من الفنون الفلوكورية للصين كما أشار محدثنا أن هذا العرض يندرج ضمن علاقات التبادل الثقافية التونسية الصينية معربا عن اعتزازه بالصعود على ركح قرطاج الأثري. وفي إجابته عن سؤال "الصباح" حول كيفية تدريب هؤلاء الأطفال والأساليب المعتمدة في عروضهم أكد مصدرنا أن قبول اللاعبين يكون انطلاقا من سن الخامسة، يشرعون خلالها بتعلم أبجديات العمل البهلواني ثم يتخصصون حسب الأصناف الموجودة في مجال فنون الفرجة مضيفا أن التزام المتدربين واجتهادهم طيلة عشر سنوات في التعلم هو سبب نجاحهم.