على خلفية الأجواء المشحونة التي ميزت أعمال المجلس الوطني التأسيسي بشأن القرار الجمهوري القاضي بتكليف الشاذلي العياري بمهمة محافظ البنك المركزي التونسي، والتي وصلت إلى حد وصف محمود البارودي (النائب عن الكتلة الديمقراطية) هذا القراربأنه قرار صادر عن رئيس «جمهورية الموز»، و هو ما خلف العديد من الاحتجاجات لدى عدد من النواب طالبوه بالاعتذار، غير أنه رفض مما حدا برئيس المجلس إلى تعليق الجلسة ودعوة رؤساء الكتل للاجتماع. وعلى اثر اشتداد الحوار طالب احد النواب بإضافة فصل إلى النظام الداخلي يضع خطوطا حمراء لأية تجاوزات قد تصدر من النواب. «الصباح الأسبوعي» اتصلت بثلة من نواب التأسيسي لمعرفة موقفهم من هذه الدعوة فكانت آراؤهم متباينة. يؤكد أيمن الزواغي نائب عن كتلة العريضة الشعبية أن ما يشهده المجلس من تجاذبات أمر صحي تبقى فيه الدعوة ضرورية إلى قبول الرأي والرأي المخالف حيث يقول :»ان الدعوة إلى إضافة فصل في النظام الداخلي لتأديب النواب ستكون سابقة في تاريخ الديمقراطيات لان هناك إجراءات يقوم بها رئيس المجلس بخصوص مسألة محاسبة او متابعة اية تجاوزات قد تصدر عن النواب. واعتقد ان الداعين الى هذه الخطوة يريدون وضع قوانين داخلية لطرد نواب الشعب وتأديبهم بشكل غير منطقي وهو أمر خطير، لأن أطرافا توجد داخل التأسيسي تعمل على إظهار المعارضة في صورة تتنافى ودورنا الحقيقي في المجلس، فهم يريدون منا السكوت وتكتيف الأيدي والاكتفاء بالمراقبة.عموما أظن أنها دعوة خطيرة الغرض منها تركيع المجلس ونوابه». وفي حديثه عن المقترحات التي قدمت من طرف بعض الأعضاء بخصوص الدعوة إلى وضع حد لتصرفات عدد من النواب المتجاوزون لحدودهم ، أضاف محدثنا:» طرح البعض مقترحات تتعلق باستطاعة رئيس المجلس رفع الحصانة عن كل نائب متجاوز لأدبيات الحوار والنقاش ولكل الخطوط الحمراء ، وطرده، كما يمكن لأي نائب رفع دعوة قضائية ضد زميله في المجلس قام بالتعدي عليه لفظيا..وغيرها من المقترحات إلاأنها تبقى مجرد اقتراحات لا غير إلى حد الآن». بصدد التعلم.. بدوره يقول سمير بالطيب النائب بالتأسيسي:»لا زلنا بصدد تعلم الديمقراطية فكلنا كنواب باختلاف توجهاتنا نعمل سويا وفي إطار التعرف على بعضنا البعض لكن وكأننا نعمل في عالمين عالم القاعات والمكاتب المغلقة أين تدور نقاشات اللجان التأسيسية وعالم الجلسات العامة المتلفزة، فالاختلاف يكمن في تصرف النواب في الجلسات العامة حيث يحتد النقاش بشكل لافت بين النواب إذ تكون فيه ردود الفعل قوية في بعض الأحيان وهو أمر طبيعي، لكن ما هو غير طبيعي وغير معقول هو جعل هذه الجلسات فرصة لاستعراض العضلات أمام الرأي العام». ويتابع بالطيب حديثه قائلا:»..لا اعتقد أن البعد الجزري أفضل طريقة خاصة وان شقا كبيرا من النواب يتهم رئيس المجلس بالانحياز لطرف دون آخر ، كما ينتابهم شعور بأنه رئيس للترويكا داخل المجلس لذلك ما كان عليه وضع نفسه في هذا الوضع». ويشدد محدثنا على ضرورة احترام النواب للدستور الصغير (ويعني به القانون المنظم للسط العمومية) الذي اتفقوا عليه لان في احترامه اشارة ايجابية على احترام الدستور الكبير المرتقب وبالتالي بعث إشارات طمأنة للناس . وأكد ان ذلك لن يتم الا بوضع حد للترتيبات والاتفاقات السياسوية التي يريدها البعض ان تطغى على مصالح البلاد ومؤسساتها. نناقش اولا.. وفي تعليقه عن الموضوع والدعوة إلى إدخال فصل في القانون الداخلي للمجلس يضع حدا لتجاوزات النواب، قال الصحبي عتيق رئيس كتلة النهضة في التأسيسي:» نخير ان لا يقع سن نصوص جزرية للنواب لاننا في اول تجربة ديمقراطية. ورغم التجاوزات التي يشهدها المجلس احيانا فان المشهد العام يحيلنا على التعددية والديمقراطية التي نعيش على وقعها في تونس بعد غياب الرأي الأحادي والدكتاتورية. فمسالة اتخاذ موقف من التجاوزات واتخاذ إجراءات رادعة بشأنها نحتاج من خلاله ككتلة إلى نقاش، لكن نود لو يعي النواب جيدا ما لهم وما عليهم بعيدا عن الفصول الزجرية». يتفق الجميع بان الاختلاف في الراي بين نواب من كتل مختلفة امر صحي لكن ما لا يمكن ان يستسيغه اي طرف هو تجاوز اي نائب لكل الخطوط الحمراء ولاداب الحوار ويتعدى على الأشخاص فهو شيء غير مقبول.