وهو يتحدث عن «ملامح» دستور الجمهورية الثانية الذي يعكف على كتابته أعضاء المجلس الوطني التأسيسي أشار الدكتور مصطفى بن جعفر إلى «وجوب أن ينبني هذا الدستور على أكبر قدر ممكن من التوافق».. و لمة «توافق» هذه وردت أيضا على لسان كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وهما يتحدثان بدورهما في اطار الجلسة الممتازة التي انعقدت بالمجلس الوطني التأسيسي احتفالا بالذكرى الخامسة والخمسين لاعلان الجمهورية.. رئيس الحكومة مثلا نطق بها واضحة وهو يعلن في كلمته عن مشروع القانون الذي أعدته حكومته والمتعلق بالهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات التي سيعهد إليها بمهمة الإشراف على الانتخابات القادمة المقررة بتاريخ 20 مارس 2013.. وهي الهيئة التي ستعوّض «هيئة كمال الجندوبي» على ما يبدو السيد حمادي الجبالي قال بالحرف الواحد أنه يأمل في أن يدور حول هذا المشروع المقترح حوار وطني جاد ومسؤول «ينتهي إلى توافق متين يؤسس لتجربة انتخابية ثانية ناجحة». و ما من شك أن أي توافق في المطلق هو بالأساس ثمرة حوار قبلي (بسكون الباء) بين مختلف الأطراف المعنية ب»الشأن» الذي سيتم التوافق حوله لاحقا .. لذلك لابد للمرء أن يتساءل هنا لماذا «تنفرد» إذن الحكومة وتستأثر أجهزتها بوضع مشروع القانون الجديد المتعلق ب»الهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات»؟ و لماذا لم تستمع لوجهة النظر الأخرى القائلة مثلا ب»أفضلية» المواصلة مع الهيئة الأولى «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» اعتبارا على الاقل إلى أن المدة التي باتت تفصلنا عن الانتخابات القادمة (8 أشهر) لا تسمح بأن «نفسخ ونعيد من جديد» كما يقول البعض طبعا،،، هذا الكلام لا يعني انتصارا مسبقا لهيئة انتخابية سابقة على أخرى لاحقة... فتجربة انتخابات 23 أكتوبر 2011 باشراف «هيئة كمال الجندوبي» ولئن كانت ناجحة عموما فإنها لم تكن مثالية ما في ذلك شك ولكن الذي نريد أن ننتهي إليه هو التذكير بضرورة ألا نبحث عن التوافق خارج دائرة المشاركة.. بمعنى ضرورة أن يكون «الجميع» شركاء بداية في وضع وصياغة التصورات ومشاريع القوانين المطروحة للتّوافق حولها لاحقا ... وقد يكون السيد كمال الجندوبي رئيس «الهيئة العليا المستقلة للانتخابات» يشير إلى هذا المعنى تحديدا عندما يقول أنّ مشروع القانون الجديد المتعلق بالهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات الجديدة هو «في قطيعة مع الهيئة السابقة».. إن تونسالجديدة... تونس الحريات والتعددية والقانون والمؤسسات هي جديرة بالتأكيد بأن يكون لها ولشعبها موعد تاريخي ثان مع انتخابات ديمقراطية نظيفة وفق المعايير الدولية... هذا الموعد المحدد بتاريخ 20 مارس 2013 يجب أن يعمل الجميع على بلوغه وانجاحه لا فقط التزاما بالوعود المقطوعة تجاه الشعب وإنما أيضا وفاء بالعهد وبرا بشهداء ثورة 14 جانفي 2010 التاريخية... لذلك مطلوب ممن هم في السلطة ومن هم في المعارضة بأن يعملوا معا.. نعم معا وبتوافق من أجل الدفاع عن الثورة وحمايتها حتى تحقق أهدافها...