أثارت استقالة وزير المالية حسين الديماسي من منصبه بسبب ما وصفه ب"التباين مع أعضاء الحكومة بخصوص السياسات المالية العمومية" ردود فعل متباينة ليصبح بذلك ثاني وزير يستقيل من حكومة حمادي الجبالي بعد محمد عبو وزير الاصلاح الاداري الذي استقال في 30 جوان الماضي، فضلا عن مسألة اقالة محافظ البنك المركزي وتعيين الشاذلي العياري خلفا للنابلي بعد توافق واتفاق بين "الترويكا" على ان العياري سيكون رجل المرحلة القادمة.. في بيان استقالته أكد الديماسي أن مشروع قانون العفو التشريعي سيفرز نفقات اضافية خانقة للمالية العمومية بالعلاقة مع العدد الضخم من المنتفعين والحجم المهول للتعويضات المنتظرة.. واعتبر ان اقالة محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي سيكون لها تداعيات سلبية للغاية على هيبة الدولة وصورة البلاد داخليا وخارجيا. وفي هذا السياق اعتبر الخبير الاقتصادي معز الجودي ان استقالة وزير المالية واقالة النابلي ستؤثران في مصداقية الحكومة الحالية نتيجة تواتر الاستقالات وما ستفرزه من تداعيات سلبية على صورة بلادنا على الصعيد الخارجي وعلاقتها بالهياكل المالية الدولية. تركيبة حكومية غير منسجمة وأضاف الجودي ان انتخابات 23 أكتوبر أفرزت تركيبة حكومية غير منسجمة واختلاف في وجهات النظر وفي بعض الاحيان تصادم في المواقف نتيجة الجدل القائم بين أعضاء الائتلاف الحاكم في بعض المواضيع السياسية والاجتماعية والاقتصادية من جهة وطريقة تسيير دواليب الدولة من جهة اخرى مؤكدا انه سبق نقد سياسة الحكومة الاقتصادية وطريقة عملها مع التأكيد في أكثر من مناسبة ان تنشيط الاقتصاد الوطني يقتضي انسجام وتوافق بين أعضاء الحكومة واستقرارا أمنيا وسياسيا لاستقطاب الاستثمارات الخارجية ودفع الحركة الاقتصادية. وذكر الجودي ان استقالة الديماسي وخروجه من حكومة "الترويكا" يأتي في اطار عملية استباقية لحفظ ماء الوجه قبل التحوير الوزاري القادم فضلا عن عدم استشارة وزير المالية في مسائل حساسة على غرار ملف التفويت في الممتلكات المصادرة في مقابل تشريك كاتب الدولة سليم بسباس وتغييبه في اتخاذ قرارات حاسمة في بعض الملفات الخاصة والتنسيق و التشاور منها اقالة محافظ البنك المركزي. وعلل الخبير الاقتصادي استقالة وزير المالية الى اختلاف وجهات النظر بين الديماسي ورئيس الحكومة حول ملف التفويت في الممتلكات والمؤسسات المصادرة على غرار النقل و تونيزيانا باعتبار ان الديماسي طالب بالتريث في التفويت والقيام بعملية التدقيق المالي ومعرفة القيمة الفعلية للمؤسسات التى تم مصادرتها في حين كان للحكومة رأي اخر التى سارعت في طلب العروض للتفويت في الششركات المصادرة. استقالة الديماسي وتداعياتها اقتصاديا وبخصوص تداعيات استقالة وزير المالية اقتصاديا أوضح الخبير الاقتصادي معز الجودي ان التأثيرات السلبية خاصة بعد اقالة النابلي من البنك المركزي وحالة عدم الاستقرار في السياسات المالية أفقد ثقة الهياكل المالية العالمية في مؤسساتنا المالية العمومية فضلا عن انتقاد وكالة "موديز" لإقالة النابلي وامكانية تخفيض الترقيم السيادي لتونس مبينا ان الوكالة ستأخذ بعين الاعتبار وجود عدة مؤشرات سلبية من بينها تفاقم عجز الميزان الجارى وضبابية الوضع السياسى وتواتر الاستقالات والاضرابات والاعتصامات التى تشهدها مختلف مناطق البلاد وبالتالي فإن أي تخفيض جديد في الترقيم السيادي لديون الدولة يعني زيادة المخاطرة عند إقراضها المال وهو ما يعرّضها إلى تسديد فوائد أعلى ويقلّل من فرص الاقتراض أمامها. كما بيّن ان النفقات العمومية الاضافية قد تؤثر بصفة سلبية على التوازنات المالية العمومية و سينتج عنه تفاقم العجز و اختلال التوازن بين المداخيل و النفقات العمومية بالاضافة الى ضبابية الوضع السياسي في بلادنا والاستقالات المتواترة في حكومة "الترويكا" التى تعرقل سير التمويلات الخارجية وبصورة تونس خارجيا وفي علاقتها بالهياكل المالية العاليمة باعتبار ان مداخيل الدولة متأتية من الضرائب على وجه الخصوص اضافة الى القروض و الهبات والمنح الدولية .