يبقى السؤال المطروح في هذه الايام داخل المجلس التأسيسي في ظل استمرار الاختلاف والتباين بين الكتل النيابية بالمجلس حول طبيعة الحكم والنظام السياسي الذي الذي يتلاءم مع الوضع السياسي والاجتماعي الذي تعيشه بلادنا. و في هذا السياق أكد الاستاذ غازي الغرايري الكاتب العام للاكاديمية الدولية للقانون الدستوري في ندوة نظمتها الهيئة الوطنية للمحامين بالتعاون مع جمعية المحامين والقضاة الامريكيين تحت عنوان "أي نظام سياسي لتونس،الرهانات" ان طبيعة النظام السياسي الذي سيتم العمل به لابد ان يتلائم مع الوضع السياسي والاجتماعي اضافة الى استقراء التجاذبات السياسية التى تشهدها بلادنا بما يساعد على اختيار طبيعة نظام سياسي سواء كان نظام رئاسي أو برلماني في ظل دستور الجمهورية الثانية. أي نظام سياسي نريد؟ واعتبر الغرايري ان اقحام العامل السياسي لرسم ملامح النظام السياسي مهم وضروري من شأنه ان يمكن من ارساء طبيعة الحكم برلماني أو رئاسي باعتبار ان كلا الانظمة السياسية وفي ظل نظام ديمقراطي يؤديان الى توازن بين السلط. وفي نفس السياق كشف الغرايري ان النظام البرلماني يقوم على وجود مجلس منتخب ويستمد سلطته من سلطة الشعب ويقوم على مبدأ الفصل بين السلط، كما أنه يحقق التوازن الايجابي بين السلط باعتبار ان السلطة التشريعية والتنفيذية تتشاركان في عملية الردع بمعنى ان لكل سلطة الية ردع ومراقبة للسلطة الاخرى،حيث يمكن للحكومة حمل رئيس الدولة على حل البرلمان، وفي المقابل يمكن لرئيس الجمهورية اجبار الحكومة على تقديم الاستقالة عبر اصدار لائحة لوم في حقها. وفيما يتعلق بالنظام الرئاسي أوضح انه يقوم على حصر السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية والفصل وضمان التوازن بين السلطات فيه سلبي ومكفول بالدستور والقوانين حيث لا يمكن لرئيس الدولة حل البرلمان، ولا يمكن اجبار رئيس الجمهورية على الاستقالة أو اقالته من قبل البرلمان. مزايا النظام البرلماني الثنائي ومن جهته قال سليم اللغماني استاذ العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس ان هناك نظم برلمانية مختلفة وجزئها الى نوعين وفيها نظام برلماني ثنائي وفيه تكون الحكومة مسؤولة أمام البرلمان وأما رئاسة الجمهورية اضافة الى نظام برلماني احادي تكون فيه الحكومة مسؤولة أمام البرلمان. وقدم اللغماني مزايا النظام النظام البرلماني الثنائي ومسؤولية الحكومة أمام البرلمان وأما رئيس الدولة مؤكدا في ذات السياق ان النظام الرئاسي لا يتلائم مع الوضع السياسي ولا مجال للنظام الرئاسي بعد ان أثبت فشله وأدى الى تغول السلطة التنفيذية على باقي السلط . وأقر الاستاذ اللغماني بامكانية تحول النظام البرلماني الثنائي بالممارسة الى نظام احادي تصبح فيه الحكومة مسؤولة أمام البرلمان حيث تعود مسالة تعيين رئيس الحكومة و رئيس الدولة بيد الاغلبية البرلمانية وهو نظام تمركز السلطات ملاحظا ان غياب معارضة قوية قد تفرز اختلال في التداول على السلطة وتساهم في هيمنة الحزب الواحد على السلطة والحكم. اختلاف حول طبيعة النظام السّياسي أما عمر الشتيوي رئيس لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما في المجلس التأسيسسي فقد أكد وجود اختلافات حول طبيعة النظام السياسي داخل أعمال اللجنة مؤكدا في الوقت ذاته وجود رأيين واحد تتبناه الكتلة النيابية لحركة النهضة وينادي بنظام برلماني صرف وراي اخر تتبناه أغلب الكتل النيابية داخل التأسيسي يدافع عن نظام سياسي مختلط يحقق التوازن بين السلط. كما كشف الشتيوي حصول توافق داخل اللجنة حول استبعاد النظام الرئاسي مع وجود خلافات حول طريقة انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع أو عبر البرلمان الى جانب مسالة توزيع الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. أما عميد المحامين شوقي الطبيب فقد أوضح أن الهيئة الوطنية للمحامين لم تقدم اي مشروع دستور أو نظام الحكم فضلا عن حرصها على الابتعاد عن التجاذبات السياسية.