بعد 26 جلسة عقدتها اللجنة التأسيسية الخاصة بالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما، وآخرها تلك المنعقدة يوم 5 جوان الجاري، برز اتجاه أغلبي يدعم فكرة اعتماد مشروع مجلس تشريعي من غرفة واحدة بدلا من غرفتين في حين لا تزال المسائل الرئيسية المحددة لطبيعة النظام السياسي قيد الدرس. ولا تزال اللجنة في مرحلة وضع مسودة عملها التي سينبثق عنها مشروع قسم من الدستور يهم السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما. ويدعم الخبراء الذين استمعت إليهم اللجنة وخاصة أمين محفوظ وشفيق صرصار "تناسب نظام الغرفة الواحدة مع واقع تونس لاعتبارات مالية ولتجنب تعقيد الإجراءات"، حسب ما ورد في وثيقة رسمية تحوصل أشغال هذه اللجنة التأسيسية منذ انطلاقها. ولكن هؤلاء الخبراء مثل سليم اللغماني ومحمد صالح بن عيسى يؤيدون "ضرورة دعم اللامركزية... والتفكير في آلية لضمان مصالح الجهات" وهو توجه ثابت لدى معظم القوى السياسية في مرحلة ما بعد ثورة 14 جانفي. وبرز اتفاق مبدئي بين أعضاء اللجنة على تسمية البرلمان المقبل ب"مجلس النواب" واعتماد مدة نيابية من 5 سنوات وامتداد الدورة التشريعية من شهر أكتوبر إلى شهر جويلية وأيضا على انعقاد أول دورة تشريعية بعد 10 أيام من الانتخابات التشريعية المقبلة. كما حصل اتفاق أولي على أن يكون سن الناخب 18 سنة وسن الترشح للانتخابات التشريعية 23 سنة فيما لا يزال التفكير جاريا حول سن الترشح للانتخابات الرئاسية. وفي باب السلطة التنفيذية، لم تتمكن اللجنة حتى الآن من تحديد مقومات النظام السياسي المقبل ولا تزال في حاجة الى تعميق النظر في طريقة انتخاب رئيس الجمهورية وصلاحياته ومسؤولية الحكومة وصلاحياتها واختصاص الرقابة عليها. وتركز النقاش حتى الآن على شروط الترشح الى رئاسة الجمهورية (الدين - الجنسية التونسية مع امكانية الازدواجية) والسن الدنيا والقصوى وتحديد الجهة التي تبت في صحة الترشحات (المجلس الوطني التأسيسي في المرحلة الانتقالية والمحكمة الدستورية في المرحلة الدائمة) والمدة الرئاسية ( 5 او 7 سنوات). وتطرح مسالة الجنسية نقاشا ثريا داخل اللجنة بين مؤيد لشرط الإسلام والجنسية التونسية بالرجوع إلى الوالدين او الجدين وحتى الى ثلاثة اجيال وبين من يؤيد حرية المعتقد المعترف بها دستوريا للمترشح والاكتفاء بالقسم الدستوري وحق تونسيي المهجر الحاملين لجنسيتين في الترشح مع التخلي على الجنسية الاجنبية قبل الترشح او إثر الفوز. ومن أهم المسائل المطروحة على اللجنة طريقة انتخاب رئيس الجمهورية واختصاصاته وطريقة تعيين رئيس الحكومة واختصاصاته وكيفية توزيع الصلاحيات بينهما في صورة إقرار سلطة تنفيذية برأسين وهي مسألة ستكون محل جدال وتجاذبات قوية. ويبقى أمام أعضاء اللجنة الاختيار بين صنفين من النظام البرلماني، الثنائي، الذي تكون فيه الحكومة مسؤولة أمام البرلمان ورئيس الجمهورية، والأحادي، الذي تكون فيه الحكومة مسؤولة امام البرلمان، مع إمكانية إقالتها من قبل رئيس الجمهورية، لا لأسباب سياسية، بل عندما يرى أن هنالك تهديدا للديقراطية في عملها، وذلك تحت رقابة المحكمة الدستورية مثلما اقترح الاستاذان سليم اللغماني ومصطفى بلطيف. وأكد استاذ القانون مصطفى بلطيف ان ثنائية السلطة التنفيذية هي ضمان في صورة حدوث اشكال في احدى السلطات في حين أكد الاستاذ شفيق صرصار أهمية ان يكون لرئيس الجمهورية حق الفيتو في القضايا الهامة وحق التحكيم والتدخل لحل الأزمات في صورة اعتماد النظام المجلسي. وهناك توجه داخل اللجنة نحو رفض النظام البرلماني الأحادي لما فيه من عدم استقرار سياسي وتضخم لسلطات الحكومة مقارنة بتجارب النظم البرلمانية في العالم ورفض النظام الرئاسي بعد تجربة البلاد المريرة مع تغول السلطة الرئاسية منذ الاستقلال. ويتولى رئاسة لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما عمر الشتوي (كتلة المؤتمر من اجل الجمهورية) في حين يتولى زياد العذاري (كتلة حزب النهضة) خطة نائب الرئيس، وصالحة بن عائشة (النهضة) مهمة المقرر. (وات)