راج يوم أمس خبر مفاده أن إمام جامع الزيتونة حسين العبيدي تم الاحتفاظ به رهن الإيقاف إثر استنطاقه في قضية نسب إليه فيها الاعتداء بالعنف على عدل تنفيذ. إلا أن وزارة الداخلية مالبثت أن كذبت في موقعها على "الفايسبوك" خبر الاحتفاظ بالامام أي أن العبيدي لم يقض ليلته في السجن مؤكدة خبر التحقيق معه في مقر إحدى الفرق الأمنية ثم إخلاء سبيله أي أنه نام في بيته وفي فراشه. شخصية مثيرة للجدل فما هي حقيقة القضية المنسوبة لهذا الإمام الذي يبدو أنه نصب نفسه بنفسه إماما لجامع الزيتونة متحديا وزارة الشؤون الدينية!! ولكن قبل سرد تفاصيل القضية تجدر الإشارة إلى أن الإمام حسين العبيدي هو صاحب قولة "رضي الله عنه" في خصوص السيد راشد الغنوشي التي أثارت جدلا كبيرا وهو صاحب الموقف التكفيري أثناء حادثة قصر العبدلية بالمرسى الذي أثار جدلا أكبر. تناوب مارس محمد الشريف طوال عشر سنوات تقريبا مهمة الإمامة في جامع الزيتونة وذلك في نطاق احترام عرف متواصل منذ أكثر من قرنين من الزمان بإسناد هذه المهمة إلى من يعرفون ب"الأشراف" أي الذين يدعون اتصال نسبهم بفاطمة الزهراء أي بالرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقع خرق هذا العرف إلا مرة واحدة خلال سنة 1860 لما تقلد المرحوم ابراهيم الرياحي هذا "المنصب". وإثر الثورة بمدة وقع إعفاء الأمام محمد الشريف من مهامه وقد عوضه السيد نورالدين الخادمي الوزير الحالي للشؤون الدينية لفترة قصيرة. وإثر تفرغ السيد الخادمي لشؤون الوزارة لم يقع تعيين إمام لتعويضه بل تقرر أن يتناوب عدد من الأيمة على إمامة الجامع الكبير، بطريقة دورية وقد عادت إمامة الصلاة بالجامع المعمور لحسين العبيدي (وهو أصلا إمام بأحد مساجد بن عروس) مرات معدودة إلا أنه قرر فجأة خرق هذا النظام وهذا الاتفاق الضمني فيوم 16 ماي الماضي وبينما كان الإمام الذي حل عليه الدور يومها لإمامة المصلين في المقصورة بصدد الاستعداد للصعود إلى المنبر لإلقاء خطبته فوجئ المصلون بحسين العبيدي "يقص القصة" إذ دخل العبيدي على قاعة الصلاة وتوجه مباشرة نحو المنبر (دون المرور على المقصورة) وصعد على المنبر ثم شرع في إلقاء خطبته (تاركا زميله في التسلل!!) أحب من أحب... ومنذ ذلك التاريخ وإلى يوم الجمعة الماضي وهو الإمام الخطيب لجامع الزيتونة ضد إرادة الوزارة وشيئا فشيئا تطورت المشاكل بين الطرفين إذ جلب الإمام المنصب (أي الذي نصب نفسه بنفسه وقدر وحده أنه المؤهل أكثر من غيره للإمامة في جامع الزيتونة) جلب يوم الخميس الماضي (2 أوت الجاري) نجارا لإبدال أقفال عدد من أبواب الجامع وبينما كان النجار بصدد انجاز المهمة وصل الخبر إلى الوزارة فأرسلت موظفا للتثبت في صحة الأمر والتحري في الموضوع ولما سئل النجار ماذا يفعل؟ أجاب بأن الإمام حسين العبيدي هو من كلفه بذلك!! علما وأن الجامع هو إضافة إلى أنه تابع لأملاك الدولة فهو معلم ديني وتاريخي وتراث وطني! فحرر الموظف تقريرا في ذلك ولذلك فقد أرسلت الوزارة من الغد أي يوم الجمعة 3 أوت الجاري عدل تنفيذ رافقه رئيس منطقة الشرطة بباب سويقة للمعاينة وتحرير تقرير. ضربة دماغ؟! وهناك وقع تلاسن بينه أي عدل التنفيذ وحسين العبيدي الذي تصدى له ومنعه من القيام بمهمته بل هناك من أكد أن الإمام اعتدى على عدل التنفيذ بالعنف ثم بضربة رأسية "دماغ" إلا أنه بالتحري في الموضوع لم نتمكن من التأكد من وقوع ضربة "الدماغ" من عدمها ولكن يبدو في النهاية شبه مؤكد أن ذلك لم يقع فعلا لأن كل من تحرينا معهم أفادونا أنهم "سمعوا" بالأمر سماعا ولم نعثر على أي شاهد عيان مباشر عاين وقوع الاعتداء ب"الدماغ" بنفسه. إضافة إلى أن عمر العبيدي الذي يتجاوز السبعين لا يسمح له بذلك! وإثر هذه الواقعة التي تمت تحت أنظار رئيس منطقة الشرطة بباب سويقة تم اقتياد الإمام حسين العبيدي إلى مقرات الشرطة حيث وقع التحري معه في قضيتي الاعتداء بالعنف وتغيير الاقفال. "روح لدارو" وإثر التحري مع الإمام العبيدي تم إعلام النيابة العمومية بفحوى أقواله فأذنت بالإبقاء عليه في حالة سراح! فتم إخلاء سبيله و"روح لدارو" على أن يبقى على ذمة الابحاث. سوابق؟! هذه هي إذن حقيقة الواقعة المنسوبة للإمام العبيدي. علما وأن أحد المصلين روى لنا أن يوم الجمعة الماضي (27 جويلية 2012) شهد إثر الصلاة تلاسنا كاد أن يؤدي إلى تبادل للعنف بين الإمام العبيدي وأحد المؤذنين. فقد تهجم الإمام من أعلى المنبر على المؤذن ولما نزل من المنبر أمّ المصلين إلا أنه ما أن انتهى من الصلاة حتى وجد المؤذن وراءه يطالبه بتقديم تعليل لتهجمه عليه. ويلومه على صنيعه. فهاجت الخواطر وتلاسنا وكاد الأمر يتحول الى تبادل للعنف بينهما لولا أن تدخل المصلون وفصلوا بينهما!! وزارة الشؤون الدينية: الشيخ حسين العبيدي اعتدى بالعنف على عدل منفذ جاء في بلاغ صارد عن وزارة الشؤون الدينية ما يلي: تبعا للتطورات الخطيرة بجامع الزيتونة المعمور يهمنا ان ننير الرأي العام بالتالي: لقد تبلغت مصالح الوزارة بان الشيخ حسين العبيدي أمر بتغير أقفال الجامع وبناء على مسؤوليتها القانونية في الاشراف على المساجد وصيانته، قامت الوزارة بارسال عدل منفذ لمعاينة الموضوع والتأكد منه واثناء قيام العدل المنفذ بمهمته بحضور اعوان ومسؤولي الامن اعتدى الشيخ العبيدي على العدل المذكور بالعنف المادي واللفظي وعلى اثر ذلك تم استدعاء حسين العبيدي الى المصالح الأمنية للتحقيق معه فيما نسب اليه من تهم. وعليه فإن ما حدث في الجامع من عنف وتجاوز لا يلزم الوزارة ولا علاقة لها به كما تؤكد من جديد انها الجهة الرسمية الوحيدة المسؤولة قانونيا على المساجد وتسييرها وتعيين اطاراتها والاشراف عليها وتحمل المسؤولية القانونية والشرعية كل من يتجاوز حدود بيوت الله تعالى وحرمتها وقداستها قال تعالى "وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحد"