تونس - الصباح الأسبوعي ليست العملية الأخيرة التي استهدفت معسكرا للأمن المركزي المصري قرب معبر رفح الحدودي، وأسفرت عن مقتل نحو 16 جنديا مصريا، بالمجانية. فصحيح أنّ الطرف المسؤول عنها لم يعرف إلى حد الآن إلا أنّ النتائج التي أسفرت عنها العملية تستحق التوقف والدراسة فما أنتجته العملية يميط اللثام عمن يقف وراءها. ترتبط عملية رفح بمعطيين أساسيين أولا بتزايد الاضطرابات الأمنية التي عرفتها سيناء بعد الثورة وورود تقارير تتحدث عن عناصر جهادية و»إرهابية» تنتشر فيها. أما المعطى الثاني فهو معبر رفح نفسه الذي فتح أمام الفلسطينيين في خطوة اعتبرت قطعا مع عقود تنفيذ توصيات إسرائيل بحذافيرها. سيناريوهات مختلفة تعددت النتائج والسبب واحد، لقد أدت عملية رفح إلى تغيرات في المعادلة الأمنية والسياسية في سيناء، لكنّها أدت إلى توتر العلاقات بين المصريين والفلسطنيين، إذ شنت حملات ضدّ سكان غزة وحركة حماس من قبل مواطنين مصريين اعتبروا أنّهم «ضحية» دعمهم المستمر للقضية الفلسطينية. وقد دعا عديد المحللين المصريين في هذا السياق إلى غلق معبر رفح نظرا لأنّه كان ومازال يشكل تهديدا أمنيا على المصريين. وهذه هي نفس الرواية الإسرائيلية، إذ نشرت صحيفة «معاريف» رسائل إسرائيلية إلى مصر في الفترة الأخيرة تؤكّد أن لحركة حماس ضلعا في العملية. هذا السيناريو الأول الذي قدم لتفسير الأحداث الأخيرة يخدم مصلحة إسرائيل بالأساس التي تستفيد من الناحية النفسية من خلال توتر العلاقات المصرية الفلسطينية والناحية العملية بدفع الأمور نحو غلق معبر رفح حتى في ظل حكومة ثورة لم تتهم بعد بالعمالة. ويذهب المحللون إلى حد اعتبار هذه العملية مطية لتهجير الفلسطينيين نحو غزة، على هذه التصورات رد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق في حوار صحفي أنّ «سيناء لن تكون وطنا بديلا للفلسطينيين مضيفا أنّ الهدف من هذه العملية هو إحداث الوقيعة بين الفلسطينيين والمصريين. السيناريو الثاني المقدم لتفسير الأحداث يضع حكومة الاحتلال الإسرائيلي في قفص الاتهام ويعتبرها مسؤولة عن هذه العملية. فبالنسبة إلى حماس ليس من المنطقي أن يقتل الفلسطينيون إخوانهم المصريين خاصة أنهم يدركون أن مكاسب هذه العملية ستكون صفرا مقارنة بخسائرها. ويرى مؤيدو هذا الرأي أنّ سقوط 16 جنديا مصريا في مقابل عدم سقوط قتيل إسرائيلي واحد يدعم التصور القائل بمسؤولية إسرائيل عن العملية. كما أنّ عملية رفح قد تضع حدا للصداع للأمني الذي باتت تشكله سيناء للإسرائيليين. إعترافات إسرائيليّة وبغض النظر عن كل التفسيرات المطروحة والسيناريوهات المحتملة التي تصب في أغلبها في مصلحة الدولة العبرية، تبقى معرفة إسرائيل المسبقة بتنفيذ العملية عاملا يؤكد أنّ لها يدا فيها، ليس ذلك بنظر محللين مصريين أو عرب بل على لسان الإسرائيليين أنفسهم إذ ينقل المحلل المصري فهمي هويدي مجموعة من التحليلات الإسرائيلية التي تضع الدولة العبرية كأول المستفيدين من العملية: «إسرائيل هي الطرف الوحيد المستفيد مما جرى في رفح، لذلك فمن المستحيل من الناحية العقلية ألا يكون لها يد فيما حدث»، هكذا يقول المعلق الاستراتيجي رامي ايدليس في حديث بثته الإذاعة العبرية صباح الاثنين الماضي، « أفضل إنجاز حققته عملية رفح أنها قامت بتأليب الرأي العام المصري على غزة» هذا تعليق بنيامين بن والنائب البرلماني على الأحداث، كما يقول آلون بن ديفيد معلق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة الإسرائيلية « لا يوجد أي دليل يربط غزة بما حدث في رفح، وقادتنا معنيون في حقيقة الأمر بالوقيعة بين مصر وغزة». كما تطرقت عديد التحاليل إلى فرضية أنّ من قام بهذه المهمة هو أحد وحدات المستعربين و هي أحدي وحدات النخبة الإسرائيلية بالتنسيق الكامل مع المخابرات الإسرائيلية.هذه التحليلات وغيرها إضافة إلى الأهداف التي تحققت لإسرائيل من العملية تثبت أن تل أبيب تعد أبرز المستفيدين من أحدثا رفح. إنّ هذه العملية تحقق لإسرائيل ثلاثة أهداف رئيسية أولا الحد من المخاوف الأمنية التي باتت تشكلها عناصر جهادية في سيناء والثاني إحداث وقيعة بين المصريين والفلسطينيين والثالث هو العمل على إغلاق معبر رفح ووقف تهريب الأشخاص والبضائع عبر الأنفاق. وقد تحقق هذا الهدف بالفعل إذ قررت مصر إغلاق معبر رفح إلى أجل غير مسمى على خلفية العملية كما تحدثت تقارير صحفية عن أن العملية العسكرية المصرية المتمثلة في ملاحقة الجهاديين نجحت في هدم 20 نفقاً بالقرب من الحدود مع غزة، بذلك تكون تل ابيب قد حققت الكثير، وبالرغم من الحديث عن استئناف نشاط المعبر، تكون العملية قد قدمت للحكومة المصرية عديد المبررات لمنع أي تنسيق مع «حماس» ذات الخلفية الإسلامية أو رفع الحصار عن قطاع غزة إذا ما استعت الظروف ذلك.