بعد الإعلان عن تكوينها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في أواخر جويلية الماضي، ضبطت التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية التي يرأسها الأستاذ عمر الصفراوي برنامجا مفصلا للأنشطة التي ستتولى القيام بها في إطار مساهمتها في تركيز العدالة الانتقالية، وإقرار ثقافة المساءلة بدلا عن ثقافة الإفلات من العقاب، وكشف حقيقة الانتهاكات، وتكريم الضحايا بعد إنصافهم ومحاسبة منتهكي حقوقهم، ووضع الآليات التي تمنع عودة ممارسات العهد الماضي. ولعل أهم ما تضمّنه برنامج عمل التنسيقية الوطنية للعدالة الانتقالية، تكوين لجان استماع تعمل في مختلف جهات البلاد وعلى مختلف الملفات ذات الصلة بالعدالة الانتقالية وذلك بعد اخضاع أعضاء اللجان المذكورة إلى دورات تكوينية يقع خلالها الاستئناس بالكفاءات والخبرات الوطنية والأجنبية. ووفق ما أفاد به الأستاذ الصفراوي سيتم تنظيم حملات تحسيس وتوعية حول مفهوم العدالة الانتقالية وآلياتها وأهدافها مع الحرص على تبسيط مراحلها ومناهجها والتركيز على الجهات الداخلية للبلاد، وإنشاء لجنة صلب التنسيقية تتكون من مجموعة من الباحثين والخبراء تعنى بوضع البرامج التوعوية وتنكب على التكوين المستمر ومراقبة عمل اللجان الجهوية. وستعمل التنسيقية على التركيز على تجميع الأرشيف وتنظيمه وتبويبه طبق منهجية علمية تأخذ بعين الاعتبار نوعية الانتهاك الموثق والحقبة الزمنية المسجلة خلالها والشريحة الاجتماعية والمهنية المسلطة عليها، إضافة إلى تنظيم ندوات علمية وحلقات نقاش تقع خلالها مناقشة مشروع القانون الإطاري المقترح من طرف التنسيقية وعلى معايير اختيار أعضاء الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية وهيكلتها ومناهج عملها وتسييرها. كما سيتم تنظيم بعض الملتقيات للتركيز على تحديد مجال الانتهاكات ولتوثيق أهم المحطات التاريخية لتلك الانتهاكات وممارستها سوسيولوجيا وسياسيا واقتصاديا وقانونيا وارساء لجنة بحث صلب التنسيقية تعنى بدراسة مختلف النصوص القانونية الصادرة بعد الثورة وتقديم المقترحات اللازمة لتعديلها واتمامها وتغييرها حتى تتلاءم مع المواثيق الدولية المنظمة للحريات العامة وحقوق الانسان. كما ينتظر ان تتولى التنسيقية الوطنية للعدالة الانتقالية بالتعاون مع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين اصدار نشرية توثيقية تهتم بآليات وأهداف ومناهج العدالة الانتقالية وتلقي الأضواء على مختلف التجارب المقارنة والمحطات التاريخية لانتهاكات الحقوق والحريات.. إرجاع الحقوق يذكر أن التنسيقية متكونة من عديد الجمعيات والمنظمات تأسست بهدف تحقيق جملة من المهام تتمثل خاصة في تقديم شكايات ورفع دعاوى ضد مرتكبي الانتهاكات والسعي في جلب الفارين خارج التراب التونسي والعمل على الاسراع في استرجاع الأموال المهربة خارج البلاد والسعي لبعث مجمع قضائي متخصص ولا سيما فيما يتعلق بقضايا الفساد المالي. ومن المهام الأخرى تكوين لجان وارساء مبادرات لكشف الحقيقة لمعالجة انتهاكات الماضي تعمل على اثبات نوعية وجسامة الانتهاكات وذلك بإجراء التحريات وتلقي الافادات والاطلاع على الأرشيف الرسمي واستقاء المعلومات والمعطيات التي توفرها لها أي جهة لفائدة الكشف عن الحقيقة وتبذل الجهود للتحري بشأن الوقائع التي لم يقع استجلاؤها وتسعى للوقوف على مستويات أجهزة الدولة أو أي طرف آخر في الانتهاكات، وتقديم تعويضات للضحايا لجبر الاضرار من حيث التعويض المادي والمعنوي وإعادة تأهيل وادماج ورد الاعتبار وكل أشكال جبر الضرر الملائمة حسب التحريات والابحاث في نطاق الكشف عن الحقيقة. وتخليد ذكرى الشهداء بإقامة النصب التذكارية والمتاحف وتشجيع جميع المبادرات التي من شأنها تخليد ذكرى الشهداء ورد الاعتبار إليهم واصلاح المؤسسات خاصة القضاء والأمن وتقديم تصورات والعمل على اجراء المصالحة بتقديم التوصيات والمقترحات التي من شأنها حفظ الذاكرة وضمان عدم تكرار ما جرى ومحو آثار الانتهاكات واسترجاع الثقة وتقويتها في القانون واحترام حقوق الانسان..