معتمدية قبلاط هي واحدة من تسع معتمديات بولاية باجة وهي المصنفة الثامنة على مستوى الجمهورية من حيث فقرها وفاقة أهلها رغم ما تشتمل عليه من مساحات فلاحية شاسعة وما تنتجه من نوعية متميزة من القموح حتى إن اسمها ، على ما يبدو، كان دوما يختزل في منطوقه ما تعبر عنه الألفاظ الفرنسية " le bon gout du blé tunisien ". تقع هذه المدينة الريفية على بعد أكثر من 60 كم من مركز الولاية وعلى مسافة 14 كم جنوب غربي معتمدية مجاز الباب و يسكنها عدد كبير من "بني رياح" والعائلات العربية الأصيلة كلهم غيرة على أرضهم وعرضهم فيعملون بالتصاق شديد مع أراضيهم ويقتلعون قوتهم منها ومما تجود به عليهم كما ان موقعهم الوسط بين باجة وتونس العاصمة جعلهم ينشطون في تجارة المنتوجات الفلاحية بامتياز كالخضر والحبوب والدواب ... وهذا ما جعل فحوص أراضيهم مطمعا للعديد من المستكرشين وملتقطي الفرص من الوزراء السابقين مثلما كانت هذه الأراضي محل أطماع للمعمرين أيام الاحتلال وهو ما يفسره عدد ضيعاتهم التي تضم عددا من بنايات المعمرين التي تدل بعض آثارها عليها إلى اليوم لذلك يقول أهالي قبلاط "نحن سكان بلا أرض فقد تداول المعمرون الفرنسيون والإقطاعيون التونسيون على أراضينا واستعبدونا وعملوا على تشريد كل من احتج على الظلم والحيف أو طالب بمجرد حقه في العيش الكريم وامتلاك أرضه وفلحها ... قبلاط عاشت تحت العصا قبل الثورة وتعيش على التمني بعدها ! ولأن أهالي قبلاط كانوا دوما يرون خيراتهم تستنزف وضيعاتهم تتحول إلى استراحات ومجالس أنس يجتمع فيها البعيد والغريب وطالب اللذة في كل الأوقات من الوزراء والمستكرشين من أتباعهم وخدمتهم الذين باعوا أنفسهم وأهاليهم بأبخس الأثمان وكانوا يرون في صيد الخنزير البري وشيّه بإحدى الضيعات إنجازا بطوليا يقتل من أجله إنسي أو تشرد من أجله عائلة ... ولأنهم كانوا يحسون بالغبن فإن طبعهم الحامي ازداد اتقادا وكانوا دوما في صراع مع البوليس والحرس أو ما يطلق عليه العامة " الحاكم ". عاش متساكنو قبلاط على هامش مدينتهم مطاردين من الأعين الشرسة من الداخل ومن الخارج فتنامى في نفوسهم شعور بالاحباط والقلق والتحفز وصار من الصعب عليهم الانخراط في أية منظومة سلطوية دون ان يستعيدوا موقعهم الطبيعي في محيطهم الفلاحي الزاخر بالخيرات فشاركوا في الثورة بحماس دون المساس بمصالحهم الحيوية وانتظروا من الثورة خيرا إلا أنهم ، وحسب تصريحات العديد من شبابهم ، ما زالوا تحت نير الحرس القديم لذلك ظلوا يعيشون فترة شك وتوجس جعلتهم يجدون صعوبة في تشكيل لجنة محلية لحماية الثورة بالجهة ثم يجدون نفس الصعوبة في تشكيل نيابة خصوصية على إثر حل المجالس البلدية و يغيبون عن أعمال اللجنة الجهوية للتنمية لسنة 2012 ويحضرون باحتشام في الجنة الخاصة بضبط مشاريع ميزانية 2013 رغم ما يمتلكون من طاقات بشرية وكفاءات علمية وتشكلات سياسية وهم يعيشون الآن بدون معتمد ويحضر بينهم الأمن ويغيب كما يحضر بينهم العنف ويغيب .الخدمات عندهم معطلة والصراعات في تصاعد والأحزاب السياسية لا تجد مجالا لتركيز مقرات لأحزابها ولا فرصة للقيام باجتماعاتها والجميع لا يعرفون إلى أين المصير ... شباب قبلاط دعوا منذ أشهر خلت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بباجة للوقوف على حالة المتساكنين ونقل مشاغلهم للسلط المعنية فتحول كل من الدكتور زهير بن يوسف نائب رئيس الرابطة التونسية لحقوق الانسان ومحمد علي القايدي رئيس فرع باجة وعبد العزيز بن نخلة أمين مال الفرع وعدد من الصحفيين بالجهة. نلاحظ وضعيات اجتماعية صعبة وحيفا في توزيع الأراضي بين مستحقيها ونقصا في الخدمات وعطشا في أغلب الأحياء والتجمعات. كل هذه المشاغل ضمنها شباب قبلاط في صفحات أهم ما جاء فيها : - إعادة النظر في المقاسم الفنية المسندة عن طريق الرشوة والولاءات ... -إعادة النظر في الشركات الفلاحية المسندة لرموز الفساد في العهد السابق . -التدقيق والحرص على تفعيل احترام كراس الشروط لضمان حق العامل والمحافظة على موارد الدولة من خلال خلاص الأداءات والديون المتخلدة بالذمة . -تمكين أصحاب الشهادات العليا وغيرهم من ذوي التكوين الفلاحي من مقاسم فلاحية. -تسوية الوضعيات العقارية . وإعادة النظر في الجمعيات المائية وبعث صناعات تحويلية تراعي خصوصية الجهة . وإعادة تشغيل المصانع المغلقة . وتوفير الخدمات بما يقرب الإدارة من المواطن ويسهل مصالحه .
وتحسين الوضعية الاجتماعية لضعاف الحال وتحسين مساكنهم والترفيع في عدد مستحقي الجرايات من العائلات المعوزة وتحسين البنية التحتية والاعتناء بالمجال الثقافي بالجهة .. .طلبات مشروعة: يقول شباب قبلاط إنهم ما زالوا يرفعونها للسلط المحلية والجهوية ولم يلمسوا من ورائها سوى التمنية في حين ما زالوا يصرون جميعا على تمكينهم من حقوققهم بطريقة عادلة ليدفعوا بدواليب التنمية ويستعيدوا مواقعهم الطبيعية داخل أسوار الوطن .