في إطار الدورة السادسة من المهرجان المتوسطي لمسرح الشباب بأريانة تم عرض المسرحية الرومانية"قصيد ايرلندي للكمان والروح" للمخرج الروماني" أورال لوكا" بمشاركة "بانتيا فاسيليكا" و"كورت اندريان" و"ناسو يانوت" و"ميهوك رادو" و"رادو سيمونا" وذلك بدار الثقافة ابن رشيق بالعاصمة. تطرق هذا العمل لقصة حب رائعة ولكنها للأسف كانت من طرف واحد فمارتن الذي هجر حياة الصخب وأقلع عن الخمر وقام بتقديم عدة تنازلات من أجل عيون حبيبته كاترين لم يجد في المقابل صدى لعاطفته الجياشة وعشقه اللاّمحدود إذ كانت حبيبته كاترين سجينة الماضي يعذبها حبها الأول السابق لتوم. تعيش الشخصيتان حالات استثنائية بمشاعر متضاربة ممزوجة بالوجع والفرح والحقد والحنان والتباعد والقرب.. إلى أن يعصف الموت الغادر بكاترين... يذكرنا هذا العمل بسنوات التجربة في مسارح أوروبا، عندما كان المسرح الإنقليزي متهماَ باستمرار بالانعزالية، في تلك الآونة كان قد انتشر عدد من الكتاب والنقاد الأمريكيين في أوروبا يكتبون كتباَ بعناوين مثل "مسرح الغد" والمسرح في ثورة و"المسرح بلا تغير"، و"فن التأليف والإخراج المسرحي"، ولم يكن يسرهم وضع المسرح الإنقليزي الذي اتهموه بالعجز عن الاستجابة للدوافع الأساسية التي حركت مسارح القارة الأوروبية. وهذا من وجهة نظرهم طبعاَ، ولكن المخرجين الإنقليز لم يكونوا علي الإطلاق غافلين عما يحدث في الخارج، وكانوا يرقبون هذه التجارب بعين الحرص والنقد، وكانوا بين آن وآخر يختبرونها. ولسائل أن يتساءل لماذا يعمد أورال لوكا مخرج هذا العمل الذي درس الفلسفة والتاريخ ودرس فن الإخراج المسرحي واهتم أساسا بالمسرح الجامعي إلى تجاهل ما يحدث في هذا العصر من تحولات متسارعة خاصة في المنطقة العربية وأزمات اجتماعية خطيرة أدت إلى شبه انهيار للعاطفة لحساب المادة ؟ وقد يكون من المفيد الإشارة في هذا السياق ولغرض وضع العمل المسرحي في إطاره إلى أن "أورال لوكا "درس الفلسفة والتاريخ ثم تابع بعد الجامعة دروسا في فن الاخراج المسرحي ، واهتم بالمسرح الجامعي حيث عمل مكوّنا ومخرجا مسرحيا بالمركز الثقافي الطلابي لمدينة "أياسي" وبادر سنة1978 بتأسيس مسرح " لوديك " الجامعي الذي مثل رومانيا في الكثير من التظاهرات المسرحية وتحصل على عدة جوائز. ركز العمل على مضمون العاطفة وكأننا به يقدم دعوة مفتوحة لإتباع طريقة بسيطة لمواجهة وتجاوز الصراعات المادية من خلال العودة للعاطفة. ورغم ما بدا لنا من تراجع أحيانا في النسق الدرامي وغياب للحبكة الدرامية.. ومع إقرارنا بجمالية العرض من حيث طغيان الصورة على الصوت وقلّة الثرثرة مع الحركات المعبرة عن الموقف والأداء المبهر للممثلين وانتشارهم الجيّد على الرّكح كما أن تميّز الشخصيات عن بعضها البعض فوق الخشبة أثرى متعة المشاهدة وأبعد السأم عن الجمهور المتلقي ومع ذلك فإن الحكاية لم تحقق في اعتقادنا متعة الاكتشاف والتشويق ولم تحقق الإضافة بل جاءت كنسخة معادة ومكررة تداولتها الذاكرة الشعبية العربية والعالمية ودونتها أشهر القصص على غرار قيس وليلى وجميل بثينة وقيس ولبنى وعنترة وعبلة وروميو وجولييت...