أسدل الستار على التظاهرة الثقافية "لن ننسى" التي التأمت مؤخرا بمدينة بنزرت تحت إشراف المندوبية الجهوية للثقافة ولجنة التنمية الثقافية بمعتمدية بنزرت الشمالية واهتمت بإحياء ذكرى التغريبة الفلسطينية وقدوم ألف ومائة من الفلسطينيين مهجرين من بيروت المحاصرة المستباحة من العدوان الإسرائيلي في 28 أوت 1982 إلى بنزرت. وقد استقبلت هذه التظاهرة التي تنظم لأول مرة في تونس بعد ثلاثين سنة من هذه الذكرى كلا من المناضلة الفلسطينية أم جهاد السيدة انتصار الوزير والمناضل والإعلامي خالد مسمار أحد القادة في الباخرة اليونانية التي أرست بالمقاتلين الفلسطينيين في ميناء بنزرت وقد حضرها السفير الفلسطيني وعدد من مستشاريه والإعلامي الفلسطيني هاني الروسان وجمع من الشباب الفلسطيني المقيم بتونس. هذا ما صرحت به صاحبة فكرة وبرنامج "لن ننسى" الكاتبة حفيظة قرابيبان ل"الصباح". تظاهرة "لن ننسى" كان من المفروض ان يحضرها الكاتب الكبير رشاد أبو شاور الذي اعتذر عن المجيء بعد ما وصله من أخبار عما حصل في بنزرت عند زيارة عميد الأسرى سمير قنطار، ولعل السبب نفسه جعل الشاعرين الفلسطينيين محمد لافي ويوسف المحمود يعتذران. وأضافت المبدعة حفيظة قارابيبان أن التظاهرة كانت مناسبة لتنشيط المدينة حيث تجول الضيوف في الميناء العتيق وكانت في استقبالهم زوارق الصيادين بالأعلام الفلسطينية وفرقة الماجورات والمواطنون الذين تجمعوا وعبروا عن مساندتهم للتظاهرة. كما تمت زيارة ميناء الذكرى وكان الترحاب كبيرا من طرف مسوؤلي الميناء التجاري والبواخر الراسية على الرصيف وزوارق شباب النادي البحري. وأمام رصيف دار الثقافة وفي ساحتها رقص الشباب الدبكة على الأنغام الفلسطينية. وعن الجلسة التي أقيمت لتقديم شهادات الفلسطينيين عن رحلتهم إلى تونس قالت حفيظة قرابيبان: "كانت شهادة أم جهاد مؤثرة عادت بها إلى قصتها في تونس وإلى مصرع "أبي جهاد" على أيدي كومندوس إسرائيلي اقتحم الأراضي التونسية حيث غلبت الدموع المرأة المناضلة الصامدة ولكنها استدركت وعادت تؤكد الأمل الدائم والاعتقاد الراسخ بالانتصار مهما طالت الطريق. اما شهادة المناضل والإعلامي خالد مسمار فكانت عبارة عن رواية تبرز الجانب الإنساني في المعاناة الفلسطينية وبعد رحلة التهجير إلى تونس. اشتملت تظاهرة "لن ننسى" كذلك على قراءة للحدث او للذكرى قدمها أستاذ التاريخ التونسي إدريس الرائسي تحت عنوان "مدينة الجلاء محطة جديدة في تاريخ فلسطين" وعلى عرض مسرحي شعري لشابتين من المعهد النموذجي. وعلى سهرة فنية تونسيةفلسطينية شارك فيها عادل بوعلاق والثنائي وهيبة رباح وعبد السلام عكاشة والشاعر الفلسطيني طلال حماد والكاتبة الفلسطينية التي حرمها الصهاينة من السفر والقدوم من الجليل، أنوار سرحان إذ قرأت نصها الأستاذة حبيبة موحا كما قدم شعراء بنزرت بعض أشعارهم عن فلسطين وقدمت خديجة التومي صفحات من روايتها "الشتات" وكان محور اليوم الأخير من تظاهرة "لن ننسى" أدب المقاومة وقد أثث فقراته كل من الأستاذ محمود طرشونة بمداخلة حول المقاومة الفلسطينية في الرواية التونسية ومحمد القاضي بمداخلة قرأها نيابة عنه محمد آيت ميهوب. كما قدم الشاعر المنصف الوهايبي ورقة بعنوان فلسطين ذريعة للكتابة. أما المداخلة الأخيرة فكانت لمحمد آيت ميهوب حول رواية "العراء" لتعرضها لقضية التهجير الفلسطيني أي المحور الثاني للتظاهرة.وعن موقف السلفيين من هذه التظاهرة قالت الكاتبة حفيظة قرابيبان: "الحقيقة اننا حظينا بمتابعة أمنية ولم نتعرض لأية مضايقة مهما كان نوعها سواء خلال الجلسات الأدبية والأمسيات الشعرية أو الحفلات والتكريمات او في الشارع وقد تجول الضيوف في كامل أرجاء مدينة بنزرت وضواحيها". وعبرت الكاتبة حفيظة قرابيبان في نهاية هذا اللقاء عن سعادتها بنجاح هذه التظاهرة رغم ما شهده تنظيمها من أخطاء بسيطة لأنها تمكنت من جمع مواطنين من مختلف الأعمار والحساسيات والتيارات لتكريم الضيوف ولمساندة قضية عادلة ظلمت طويلا ولأنها كانت فرصة لتؤكد على أن الثقافة مجال للمحبة ودافع للرقي والمقاومة.