فتحي الأحول هو إسكافي يعمل على حافة الطريق بمعدات بسيطة جدا في أحد الأحياء الشعبية بمدينة سوسة وهو من مواليد 1961 يقطن في حي الغدران أو ما يعرف "بحي الطفالة"، أب لبنتين وولد، ظروفه الاجتماعية رثة وهو صاحب إعاقة بساقيه ومريض بالقلب والسكري وضغط الدم والأعصاب، إنه محتاج لاستعمال دواء بمائة و تسعة عشر دينارا لكن ظروفه لا تسمح له باقتنائه وحالته تتدهور كل يوم فيحتاج إلى أن يطلب من أصدقائه كي يوفر بعض المسامير ومستلزمات العمل. الأدوية التي يستعملها لأمراضه المزمنة هي أدوية رخيصة ولا تعدل مستوى ضغط دمه والسكري في جسده ويقتني مائتين وخمسين حقنة ضرورية لداء السكري بثلاثة مائة وخمسين مليما الواحدة وهو لا يجد مأكله ومشربه. تراكم المشاكل وقسوة ظروف الحياة أثرت في نفسيته حتى أصبح مريضا نفسيا مما أثر بدوره في جسده من خلال حبوب تخمرت وأصبحت طفحا جلديا مهددة بسرطان جلدي وشيك، ورغم كل الظروف التي يعانيها اعترف بأن الدولة ساعدته بدراجة نارية للمعوقين لكنها تعطبت منذ أربعة أشهر مما زاد الطين بلة ما صعب عليه حتى التنقل لمكان عمله.
وقد ذكر أن المساعدة الوحيدة التي تلقاها من الدولة كانت سنة 1994 وكان مقدارها ثلاثمئة دينار. ومن سخرية الأقدار أن والدته توفت فأضطر إلى دفنها و إتمام مراسيم الدفن عوضا أن يساعد نفسه. وقد قالها بحسرة كبيرة في نفسه إنه يضطر أن يمد يده للناس كي يشفق عليه أصدقاؤه ويساعدوه حتى بأبسط ما توفر ومن المبكيات المضحكات أنه متحصل على بطاقة الاحتراف الفني وبشهادة من الناس المقربين منه أكدوا لي أنه من أحسن الأصوات التي عرفتها تونس وقد طالب بتوفير معدات كي يعمل لكن المورد رفض مساعدته حتى بعد أن وافقت السلط المعنية على ذلك فقام بمطلب في تغيير النشاط من فنان إلى بائع مواد تنظيف ومرت ثمانية أشهر قاسية تنقل فيها المعني بالأمر يوميا رغم ظروفه الصعبة من الولاية إلى المعتمدية إلى وزارة الشؤون الاجتماعية، وقست عليه حتى في المأكل والمشرب فأصبح توفير أهم ضروريات الحياة من خبز وماء مبتغى يصعب توفيره، ما أثر في جميع أفراد عائلته وفي المستوى الدراسي لأبنائه.
رغم إعاقته والأمراض التي يعاني منها والظروف الاجتماعية السيئة ورغم تحذير الطبيب له بالتوقف عن مزاولة عمله الذي زاد من معاناته و أرهق عضلات قلبه لم يتوان فتحي عن العمل ورغم ضيق منزله وحالته الرثة والذي يهدد حياته وحياة عائلته بتداعيه للسقوط لم يطلب إلا مطلبا بسيطا بنظرة مشرقة لمستقبل أفضل وهي إعانة بسيطة تفتح معها أبواب رزق لعائلة طال بها الصبر على معاناة أرهقت أوصالهم و دمرت أمالهم.