أشار مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي إلى أن اللجان التأسيسية عقدت حوالي 200 جلسة استماع من بينها 150 خصصت إلى الاستماع إلى الخبراء وممثلي المجتمع المدني للنقاش حول الدستور الجديد. وبعد انتهاء اللجان من أعمالها وتعهد لجنة التنسيق والصياغة بالنظر فيها بقي السؤال المطروح ماذا بقي من آراء الخبراء والمختصين في مسودة الدستور المنتظرة؟ سؤال طرحته «الصباح الأسبوعي» على شخصيتين وطنيتين من الخبراء في القانون الدستوري وهما قيس سعيد والصادق بلعيد بالإضافة إلى فريدة العبيدي رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالتأسيسي. بين الخبير و النائب بعد الاتهامات الكثيرة لنواب التأسيسي بالبطء ومحاولة التمديد وإطالة في الآجال المحددة للانتهاء من صياغة الدستور وقبلها من أعمال اللجان من قبل غالبية مكونات المجتمع المدني والمجتمع السياسي، كان رد نواب الشعب متمثلا في أن أهمية الدستور المنتظر للجمهورية الثانية يستوجب وقتا كافيا ليكون ممثلا لكل التونسيين. يقول قيس سعيد الأستاذ في القانون الدستوري: «أول ملاحظة لابد من التأكيد عليها هي ان الخبير مهما كانت درجة خبرته لا يمكن أن يحل محل من يفترض أنهم يمثلون الشعب فدور الخبير يقتصر على تقديم الأجوبة حول جملة من الأسئلة التي يطرحها أعضاء اللجان، كما يمكن ان يقدم حلولا او تصورات بناء على التجربة التونسية السابقة او بالرجوع إلى عدد من الأمثلة بالقانون المقارن، ولا للخبير ان ينصب نفسه وصيا كما لا يمكن له أن يحل محل من سيتخذون القرار في المجلس. و بخصوص عدة مسائل تم تناولها داخل اللجان التأسيسية فيبدو في هذه المرحلة على الأقل انه تم الاستئناس ببعض ما تم تقديمه ولكن لا يمكن الجزم ومشروع الدستور لا يزال في طوره الأولي لان التصورات المقدمة قد يتم الأخذ ببعضها أو الاستلهام منها». و يضيف محدثنا: «لقد كانت تدخلات الخبراء في شكل إجابات عن مجموعة من الأسئلة وطرح لرؤى ومواقف وأفكار والتحدث عن تجارب أخرى في مواضيع معينة لكن الواضح أن المسائل الفنية كانت أيسر بكثير من المسائل الأخرى التي تنظر فيها اللجان. لقد ساهمت في بيان ضرورة الإبقاء على الصيغة التي تم اعتمادها سنة 1959 بخصوص الفصل الأول من الدستور حتى تتجنب بلادنا مخاطر أي انزلاقات نحو المجهول وقد عملت جاهدا من اجل إبقائها على صيغتها الحالية». موجودة في المسودة بدوره يرى العميد الصادق بلعيد أن عدة أفكار طرحها قد وجدت صداها في مسودة الدستور الحالي حيث قال: «تكلمت عن عدة مواضيع ومسائل قانونية هامة وطرحت جملة من الأفكار وجد بعضها مكانا له في المسودة الحالية للدستور وفي أعمال بعض اللجان التي دعيت إليها وقد اقترحت فقرة في فصل من الفصول حول إحداث المحكمة الدستورية وقدمت تصورا حول تركيبتها ومهامها. كما كتبت محور المواطنة والمجتمع المدني حيث يعدان (المواطنة والمجتمع المدني) الحبل الذي يربط بين كل التونسيين في الحقوق والواجبات. لم يكن للنواب وأعضاء اللجان تصورا منذ البداية وقد استلهموا من مقترحاتي طريقة ترتيب المحاور (التوطئة ثم الأحكام السياسية وتنظيم السلط...). في المقابل تحدثت عن بعض المواضيع لم تؤخذ بعين الاعتبار على غرار موقع الجهات من القرار السياسي». تفاعل .. من جهتها شددت فريدة العبيدي رئيسة لجنة الحقوق والحريات في التأسيسي - وهي من أكثر اللجان التي شهدت حضورا للخبراء والشخصيات الوطنية خاصة منها الحقوقية - على أن لجنتها عقدت عددا كبيرا من جلسات العمل وستقدم تقريرا مفصلا في هذا الشان الأسبوع الحالي، حيث قالت: «استدعينا عددا من الخبراء والشخصيات الوطنية ليطرحوا لنا أفكارهم التي تفاعل معها النواب لتتم مناقشتها في ما بعد وتدرج في بعض الفصول، وبالإضافة إلى رأي هؤلاء عدنا في العديد من الجلسات إلى القوانين والاتفاقيات الدولية، لا يمكن لنا تقدير مدى درجة التفاعل مع مقترحات الخبراء والمختصين لكننا حرصنا على تشريك ممثلين عن عدد من مكونات المجتمع المدني من خلال الجلسات وذلك في إطار مفهوم التشاركية والتفاعل مع جميع الأطراف في مسائل وقضايا هامة». اكدت كل الشخصيات التي حضرت جلسات اللجان التأسيسية انه تم الاخذ بعدد من افكارها وتصوراتها وتضمينها في جملة من الفصول، وبعد هذه المرحلة وفي انتظار عرضه على الجلسة العامة للنظر فيه يبقى التوافق بين جميع الفرقاء الحل للخروج بدستور يستجيب لانتظارات التونسيين.