من المعروف أن تونس تعد دولة مصدرة لليد العاملة في مجالات مختلفة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي خاصة. إلا أنها باتت اليوم قبلة ليد عاملة أجنبية فرضت عليها الأزمات المالية والاقتصادية في الشمال التوجه جنوبا والبحث عن فرص شغل جديدة فيما بات يعرف ب»الهجرة العكسية» إلى جانب ما أصبحنا نلاحظه من تزايد عدد الأفارقة الذين يعملون عادة في القطاعات غير المنظمة. «الصباح الأسبوعي» حاولت التعرف على عدد الأجانب وتأثيرهم على الاقتصاد التونسي والبطالة في البلاد. في هذا الصدد، تفيدنا وزارة التكوين المهني والتشغيل أن عدد تراخيص العمل المسندة في الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2012 بلغ نحو 4272 ترخيصا، من جنسيات مختلفة. العدد الأكبر من الأجانب في تونس يحملون الجنسية الفرنسية ويصل عددهم إلى نحو 944 في حين أسندت 593 رخصة إلى يد عاملة إيطالية. أما اليد العاملة المتأتية من المغرب والجزائر فتمثل 737 عاملا. وأغلب الأجانب في تونس هم أعوان ملحقون بمؤسسات في إطار إنجاز صفقات أو تعاون فني أو نقل بحري او جوي، كما يعملون في المؤسسات المصدرة كليا، ويعمل 633 منهم في القطاع السياحي و62 منهم من الرياضيين. وحسب الوثيقة التي قدمتها لنا وزارة التكوين المهني والتشغيل سجل عدد العاملين في تونس انخفاضا بعد الثورة، فقد كان عددهم سنة 2010، 7436 عاملا، وفي سنة 2011، 5873 عاملا أجنبيا، تفسر وثيقة الوزارة ذلك بالصعوبات التي شهدها القطاع السياحي وتقلص نشاطه خلال سنة 2011 إذ انخفض عدد ممثلي وكالات الأسفار الأجانب من 972 سنة 2010 إلى 364 سنة 2011 وبالتالي انخفض عدد المنشطين السياحيين من 503 سنة 2010 إلى 279 سنة 2011.
حلول وقتية عدد الأجانب المتحصلين على رخصة عمل في تونس يمكن أن يتزايد في الأشهر المتبقية من السنة، إلا أنّ المشكل الأساسي يتعلق بعدد العاملين الأجانب غير المصرح بهم أو الذين يعملون في القطاع الموازي فلا تشملهم إحصاءات وزارة التشغيل، بالرغم من تزايد عددهم بعد الثورة. ويشير الخبير الاقتصادي عبد الجليل البدوي ،في تصريح ل»الصباح الأسبوعي»، إلى أنّه من الصعب معرفة التأثير الحقيقي لليد العاملة الأجنبية غير المنظمة على الاقتصاد التونسي والتشغيل في البلاد، نظرا إلى أنّ حجمهم غير محدد. إلى جانب ذلك فإنّ اليد العاملة الأجنبية غير المنظمة كما يشرح البدوي- تدخل في أغلبها تونس بتأشيرة سياحية تسمح لها بالمكوث 3 أشهر في البلاد ومن ثمة تتجه نحو بلد مجاور لتعود إلى تونس لتمضية ثلاثة أشهر أخرى وهكذا دواليك. وعادة ما يكونون في أغلبهم من ذوي الكفاءة المحدودة وقد يكون لهم دور إيجابي في الاقتصاد نظرا إلى انهم يعملون في قطاعات ترتفع فيها الحاجة إلى اليد العاملة على غرار أشغال البناء والفلاحة والصيد البحري وغيرها.. إلا أنّ البدوي يؤكد أنه من المهم معرفة حجم هؤلاء لتحديد مدى تأثيرهم في الاقتصاد التونسي وإن كان من غير الممكن عمليا أن تتمكن الوزارة من رصد عددهم نظرا إلى أنهم يعملون في القطاع الموازي فمن الضروري تفعيل العقوبات المسلطة على المشغلين في حال انتدبوا أجانب دون ترخيص.