مازالت قضايا بعض الشهداء وخاصة من المنتمين سابقا لقوات الأمن الداخلي أو للجيش الوطني مجهولة المصير، والتحقيقات الجارية فيها متعثرة على غرار قضية وفاة الوكيل بالبحرية الوطنية سفيان بن جمالة الذي قتل يوم 16 جانفي 2011 أثناء مواجهات ضارية بين قناصة اعتلوا سطح إحدى العمارات بقلب مدينة بنزرت وعناصر من الجيش الوطني كان سفيان من بينها. رسالة أرملة الشهيد إلى وزير الدفاع أرملة الشهيد أرسلت خلال الأسبوع الجاري رسالة إلى وزير الدفاع تبحث فيها عن حقيقة مقتل زوجها، هذا أهم ما جاء فيها:"لقد حرمت من زوجي وحرم إبني من والده.. حرمت من زوجي فقلت قضاء وقدرا.. حرم إبني من والده فقلت إصبر بنيّ فأبوك شهيد الوطن لكن أن أحرم من الحقيقة حقيقة من قتل زوجي ويتّم إبني فماذا عسايا أن أقول لنفسي قبل أن أجيب فلذة كبدي عن مقتل والده؟ لو قتل في ساحة الوغى لأجبته بأنّ عدوّ الوطن قتله.. لكنّه قتل فوق أرضنا في ثورتنا.. قتل وهو يطارد القنّاصة من سطح إلى سطح وهو يرتدي زيّه العسكري مدافعا عن وطنه حاميا لشعبه.. وبرصاصة قنّاص سقط شهيدا وسالت دماؤه فهرع زملاؤه إليه وتمّ القبض على قاتله. وتسلّم الجيش القنّاص في وضح النّهار ووسّم زوجي بوسام البطولة والشّجاعة.. ثم دفن كما دفنت حقيقة القنّاص أيضا". وأضافت في رسالتها التي تحصلت"الصباح" على نسخة منها:" إلى هذه السّاعة أجهل قاتل زوجي وكلّما إجتهدت في معرفة الحقيقة إلاّ ووجدت حاجزا أمامي إسمه القضاء العسكري والذّي تعهّد بقضيّة الشّهيد كما تعهّد أيضا بتركي دون إجابة عن سؤالي وسؤال إبني يوسف من بعدي من قتل بطلنا؟ ولماذا تحرموننا من معرفة الحقيقة ؟". وقائع الجريمة وبالعودة إلى وقائع هذه الواقعة التي تعهد بالبحث فيها حاكم التحقيق العسكري بالمكتب الثالث بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس يتبين أن الشهيد سفيان بن جمالة (35 سنة) انضم بعد تدهور الوضع الأمني وإعلان حالة الطوارئ بالبلاد إلى قوات الجيش الوطني المرابطة بولاية بنزرت لحماية المنشئات العمومية ومقرات السيادة والمواطنين وممتلكاتهم والسيطرة على كل انفلات أمني قد يحصل، وفي يوم 16 جانفي 2011 شهدت الأوضاع الأمنية بمدينة بنزرت تدهورا غير مسبوق واندلعت مواجهات ضارية بين عدد ممن قيل إنهم قناصة اعتلوا أسطح العمارات وقوات الجيش الوطني مما أسفر عن سقوط جرحى وقتلى بالرصاص كان سفيان من بينهم أثناء قيامه بواجبه الوطني في الذود عن أمن تونس. ما حكاية سيارة"المرسيدس"؟ وكانت عائلة الشهيد ذكرت ل"الصباح" أن شهود عيان لمحوا في ساعة مبكرة من صباح يوم 16 جانفي 2011 قدوم سيارة من نوع "مرسيدس" إلى وسط مدينة بنزرت وتوقفها أمام عمارة يقطن بإحدى شققها عدد من أعوان الأمن ثم نزل منها أربعة أشخاص يرتدون ملابس سوداء ويحمل كل واحد منهم حقيبة ودخولهم إلى العمارة، وبعد ساعات فقط ظهر عدد منهم يعتلون سطح البناية ويطلقون الرصاص على طريقة القنص. مواجهات ضارية حينها تحولت قوات الجيش إلى عين المكان وكان من بين عناصرها الوكيل سفيان حيث دارت مواجهات مسلحة ضارية بينها وبين هؤلاء "القناصة" نجحت إثرها قوات الجيش التي استعانت بمروحية عسكرية في القبض على اثنين منهم فيما سقط سفيان شهيدا بعد قنصه برصاصة في الرقبة. وهنا قالت أرملته إن زوجها كان يرتدي الزي العسكري المدعم بصدرية و"كاسك" مضادتين للرصاص". غير أن خبرة القناص ودقته تمكنتا من قنص سفيان بعد أن أصابه برصاصة في الجهة الخلفية للرقبة"، مضيفة أن زوجها أعلمها هاتفيا كما أعلم شقيقه مباشرة قبل وفاته بنجاح أعوان الجيش الوطني في القبض على عدد من المسلحين يستقلون سيارات مكتراة، ولكن بالتثبت في بطاقات تعريفهم الوطنية تبين أنها تحمل صفة "عامل يومي" وهو ما أثار تعجب الجميع، ويدل-حسب قول محدثتنا- ان جهة ما قامت بتسليح هؤلاء لإثارة الرعب والفوضى في البلاد. الأرملة الشابة الباحثة عن حق زوجها والمسؤول عن قتله قالت إن شهود عيان أكدوا لها أن قوات الجيش الوطني أوقفت ما لا يقل عن قناصين في ذلك اليوم أحدهما أدخل إلى محل تارزي قبل نقله إلى مقر قيادة الجيش بالجهة كما ان أحدهم سقط من علو مرتفع وأصيب بكسر في الساق حين حاول الفرار، يرجح أن أحدهما قاتل سفيان ولكن التحقيقات القضائية لم تتوصل إلى اليوم إلى كشف الحقيقة وتحديد هوية القناص القاتل ليظل السؤال قائما:"من قنص سفيان ويتم طفله الوحيد؟"