أجل،،، ثلاثون ألف قتيل بينهم أكثر من 20 ألف مدني أتت عليهم آلة الموت الرهيب في سوريا منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد حكم الرئيس بشار الأسد بتاريخ مارس 2011... ثلاثون ألف قتيل في ظرف ثمانية عشر شهرا أي بمعدل مائة ضحية يوميا !!! هذا عن القتلى الذين أمكن عدهم أما أولئك الأشخاص الذين فقدوا في أقبية سجون النظام السوري وعددهم بالآلاف أيضا فإنهم احصائيا لا يزالون مصنفين خارج قائمة الضحايا وإن كانوا مرشحين لأن يكونوا ضمنها... ثم إن هناك أكثر من مليون نازح سوري إلى حد الآن داخل سوريا وحوالي 300 ألف في الدول المجاورة شردوا واخرجوا من ديارهم بفعل الاقتتال الدائر بين الجيش النظامي والجماعات المسلحة... اقتتال عنيف وأحيانا وحشي لم تسلم منه محافظة أو مدينة أو قرية... أليست هذه مأساة؟ الغريب... بل الأخطر أن المجتمع الدولي لا يزال يبدو لا فقط "منقسما" حول هذه المأساة الإنسانية بل وأيضا انتهازيا في مواقفه السياسية منها (روسيا والصين مثلا استخدمتا حق النقض "الفيتو" ثلاث مرات داخل مجلس الأمن ضد ثلاثة قرارات ساندتها كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وبريطانيا لفرض إجراءات تحد من وتيرة قتل النظام السوري لشعبه) فعلتا ذلك بدعوى الحرص على السلام والأمن الإقليميين في المنطقة في حين أن مخاطر اتساع هذه الثورة المسلحة واستمرارها في الزمان والمكان هو الذي يهدد وفي العمق لا فقط الأمن في المنطقة بل وأيضا واقع التعايش السلمي بين مختلف الطوائف والأديان لا داخل سوريا فقط بل وأيضا في دول الجوار.. طبعا،،، هناك طروحات مختلفة كشف عنها اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير بعضها جديد و"استعراضي" (مقترح دولة قطر بتدخل عسكري وسياسي عربي) وبعضها الآخر قديم (تقليدي) كالتعبير عن "القلق" و"الانشغال" و"التحذير" والمطالبة بفتح "ممرات إنسانية" لمساعدة الضحايا المدنيين... وجميعها تكشف عن تردد المجموعة الدولية وتلكئها في الاضطلاع بدورها الحاسم في وضع حد لهذه المأساة الإنسانية... تردد مريب ما في ذلك شك قد يرقى إلى مستوى الجريمة التي سيحاسب عليها المجتمع الدولي أمام محكمة التاريخ... ربما يكون السيد نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية يشير إلى هذا المعنى تحديدا وهو يقول على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة إن من يتحمل مسؤولية فشل المجلس في إنهاء ما أسماه "الصراع السوري" إنما هم أساسا مندوبو الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن... وأنه إذا كانت هناك رغبة لإنجاح مهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية (الأخضر الإبراهيمي) فإنه يتعين أن يحظى بمساندة كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن... ليس ثابتا طبعا ولا مضمونا أن يحظى الابراهيمي بمساندة كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن... ما هو ثابت أن عدد القتلى سيظل يتزايد يوميا في سوريا ليتجاوز حدود الثلاثين ألف قتيل غالبيتهم العظمى من المدنيين... وتلكم هي المأساة.