تعكف لجنة التشريع العام بالمجلس الوطني التأسيسي هذه الأيام على دارسة مشاريع القوانين الخمسة المقترحة من قبل عدة أطراف من بينها الحكومة حول الهيئة المستقلة للانتخابات التي طال انتظار إحداثها وهو ما اثأر حيرة وتساؤلات الكثيرين خاصة وان ساستنا ومن أوكلت إليهم ادراة شؤون البلد امام ضغط الوقت. ومن بين المشاريع مشروع مقترح «عتيد» (الجمعية التونسية من اجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات) والذي سيناقش هذا الأسبوع وهو ما أكده احد أعضاء اللجنة ل»الصباح الأسبوعي». ينتظر الجميع هيئة مستقلة للانتخابات سيقع دسترتها وهو ما سيجعل منها مستقلة فعلا وتوافقية ذات تركيبة مرتكزة أساسا على الحيادية والخبرة لان عملها لن يقتصر على الانتخابات القادمة وحسب بل لسنوات، ووعيا منها بهذه الأهمية فان عمل لجنة التشريع العام وبالاضافة الى لجنة الحقوق والحريات (في جزء معين) سيكتسي ما يستحق من الجهد حتى يمكن تجاوز الاخطاء التي وقعت ابان انتخابات 23 اكتوبر والتجاوزات الحاصلة وقتها. تجاوزات يقول معز بوراوي رئيس جمعية «عتيد» والتي عملت قبل وبعد الانتخابات الماضية متحدثا عن التجاوزات الواجب تجاوزها:»في البداية اعتقد انه لابد من بعث هيئة مستقلة توافقية تتمتع بالاستقلال الاداري والمالي والتعهد التلقائي اي ان لها سلطة قانونية تخول لها اتخاذ الاجراءات اللازمة في التعاطي مع التجاوزات والتي تبقى مرتبطة باطار قانوني خال من وسائل المراقبة خاصة الرقابة المالية للأحزاب (تمويلها) ولا علاقة لها بالممارسات السياسية. لقد تم إبان انتخابات أكتوبر الاستغناء عبر التوافق عن قانون 1988 المنظم لعمل الاحزاب لتكون بذلك الساحة السياسية مفتوحة على مصراعيها لتشكيل الاحزاب. تقطة اخرى كانت مدخلا كبيرا لوقوع تجاوزات تتمثل في ما نص عليه القانون الانتخابي من خلال تحجير اللجوء الى المال الخاص الخارجي والداخلي بالنسبة للقائمات المترشحة انذاك في حين ان الفصل 35 منه ينص على معاقبة بالسجن وخطية مالية كل من تحصل على تمويل خارجي فيما نسي المشرع التمويل الداخلي». طعون..ونقائص ويتابع محدثنا:»هناك مسالة حيوية تتعلق بالطعون التي اعطى فيها القانون الحق لرئيس القائمة المترشحة فقط ومن يمثله وليس لاي طرف آخر وقد سالنا المسؤولين وقتها عن سبب عدم تنقيح هذا الفصل حتّى يصبح لعدد من الاطراف الحق في التقدّم بطعون رصدتها وموثقة لديها. ان هذه التجاوزات التي اتينا على ذكرها وغيرها لابد من تجاوزها عند وضع قانون الهيئة حتى نضمن انتخابات حرّة ونزيهة وديمقراطية عكس انتخابات 23 اكتوبر التي كانت حرة ونصف شفافة وغير نزيهة ولدينا الادلة على ذلك، على غرار الملفات التي تحصلنا عليها تثير العديد من الاستفهامات حول رئيس حزب تم بعثه بعد الثورة ويمتلك اموالا طائلة ابان الحملة الانتخابية ، وقد كان هذا الشخص مشرفا على احتفالات الفاتح من سبتمبر وفجاة يعود الى تونس ويبعث حزبا ينفق عليه بالمليارات.( وتجدر الاشارة الى ان رجل الاعمال موضوع الحديث قد انكر في اكثر من مرة في وسائل الاعلام ما نسب اليه من اتهامات)، من اجل ذلك كونا خلية تضم مختصّين في المالية والمحاسبات للعمل على ملف تمويل الاحزاب لكن لم نجد وقتها اي تجاوب من البنك المركزي وهو ما دفعنا الى انهاء عمل اللجنة قبل بدايتها». ويشدد معز بوراوي على ضرورة مطالبة الجهات المعنية والمسؤولة في الحكومة باسترجاع الاموال التي منحت للقائمات (وعددها الاجمالي 1664 قائمة) ابان انتخابات اكتوبر ولم تنجح في تحقيق اية نتيجة. من جهته يقول قيس سعيد استاذ في القانون الدستوري:»ظهر العديد من النقائص والفراغات القانونية في مرسوم بعث هيئة الانتخابات قبل انتخابات اكتوبر خاصة على مستوى الآليات الرقابية اذ لا وجود لآليات قانونية للحملات الانتخابية قبل انطلاقها قانونا، وهي عموما فراغات لابد من تداركها في القانون المنتظر للهيئة التي تستوجب ايجاد شروط تضمن استقلاليتها اذ لابد من ترتيب جزائي عند الحياد عن الاستقلالية». جمال الفرشيشي
النظر في مشروع «عتيد» هذا الاسبوع علمت «الصباح الاسبوعي»ان لجنة التشريع العام قد خصّصت جلساتها للاستماع الى 4 مشاريع قانون للهيئة المستقلة للانتخابات مقدمة من بعض الاطراف على غرار مشروعي الحكومة والذي يتضمن 32 فصلا والاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، فيما سيتم النظر في مشروع «عتيد» (الجمعية التونسية من اجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات) هذا الاسبوع.ويضم مشروع «عتيد»41 فصلا مبوبا على 5 ابواب يتناول الاول الاحكام العامة، فيما يتحدث الباب الثاني عن التنظيم المالي،ويتطرق الثالث الى التنظيم الاداري، اما الباب الرابع فيتعلق باحكام عامة حول الشفافية واخر الابواب ويضم ثلاثة فصول ففيه احكام انتقالية. وتتركب الهيئة طبقا لما جاء في المشروع من 9 اعضاء ينتمون الى هياكل مهنية كالقضاء الاداري والقضاء العدلي وعمادة المحامين وعمادة الخبراء المحاسبين التونسيين ونقابة الصحفيين والجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي والجمعية التونسية للقانون الدستوري وعمادة المهندسين،وتم وضع شروط لهؤلاء المترشحين مثل الخمس سنوات اقدمية عدم الانخراط في اي حزب سياسي خلال 10 سنوات ويعاقب بالسجن لمدة سنة وبخطية مالية قدرها 3 الاف دينار كل شخص ينتحل اسما او صفة او يدلي بتصريحات او شهائد مدلسة او يخفي مانعا من موانع الترشح التي نص عليها هذا القانون.وتباشر الهبئة مهامها 6 اشهر على الاقل قبل اول موعد انتخابي او استفتاء.