قالت جمعية عتيد ان هناك جملة من التجاوزات الحاصلة لخصها أعضاؤها في بلاغ ننشره فيما يلي :
لأوّل مرّة منذ عهد قرطاج، تمكّن التّونسيّون من التّعبير عن اختيارهم في إطار من التّعدّديّة و الحريّة السّياسيّة و ذلك خلال انتخابات المجلس الوطني التأسيسيّ ليوم 23 أكتوبر 2011. إلاّ أنّ هذه الحرّيّة الّتي تمّ اقتلاعها شابتها بعض الممارسات السّياسيّة اللاّأخلاقيّة و غير القانونيّة، الّتي تندّد بها الجمعيّة التّونسيّة من أجل نزاهة و ديمقراطيّة الانتخابات ''عتيد''.
"إنّ الإخلالات و الخروقات الّتي لاحظناها، والّتي سواء كان مصدرها بعض المجموعات السّياسيّة أو النّاخبين أو الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، كانت متعدّدة و مختلفة، و لها درجات خطورة متفاوتة ''. ذلك ما صرّح به السّيد معز بوراوي، رئيس جمعيّة ''عتيد''.
"و احتراما للمبادئ و القيم الّتي تدافع عنها "عتيد''، تنادي الجمعيّة بمحاسبة صارمة لكلّ من مارس تجاوزات في هذه الانتخابات الحرّة الأولى في تونس والّتي من شأنها أن تؤثّر على نزاهة العمليّة الانتخابيّة و مصداقيّتها لدى كافّة الشّعب التّونسيّ، الّذي يرنو لانتخابات تعكس تضحياته الجسيمة".
''و كانت خفّة التّدابير القانونيّة في مجال معاقبة الخروقات المرتكبة من قبل بعض الأحزاب السّياسيّة قبل و أثناء و بعد الحملة الانتخابيّة قد ساهمت في نشوء إحساس بالحصانة ممّا أدّى إلى بروز إخلالات تمّ تسجيلها يوم الانتخاب، و أدّى ذلك إلى إسقاط قائمات، مثل ما تمّ إعلانه مساء الخميس 27 أكتوبر''، يضيف السّيد معزّ بوراوي.
وكانت العديد من وسائل الإعلام الأجنبيّة، الّتي تتمتّع بقاعدة جماهيريّة عريضة في تونس، مثل الجزيرة و فرانس 24 و المستقلّة قد حادت عن الإطار القانونيّ المنظّم لدور وسائل الإعلام الوطنيّة. و صرّح السيّد معزّ بواراوي "كانت هذه القنوات قد أظهرت إنحيازا سياسيّا واضحا، حسب رؤية ''عتيد'' ممّا أثّر على اختيارات النّاخبين التّونسيّين''. و رغم أنّ متابعة جادّة و موضوعيّة للحملة الإعلاميّة للانتخابات تمّ تأمينها من قبل الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، فإنّ مجموعة من الخروقات قد غضّ عنها النّظر و لم يصدر ضدّها أيّ شكل من أشكال العقاب في الإبّان. و بدرجات مختلفة، انتهجت بعض وسائل الإعلام خطوطا تحريريّة تخدم بوضوح طرف ما عن آخر.
و من أجل القيام بدورها في ملاحظة الانتخابات على أحسن ما يرام، جنّدت ''عتيد'' أكثر من 2000 ملاحظ تمّ تكوينه و قامت باستغلال جهاز ملاحظة متكوّن من كفاءات تونسيّة متطوّعة و نظام خاصّ لجمع المعلومات و الإبلاغ و تحليل المعطيات تمّ تسييره انطلاقا من مكتب الجمعيّة بتونس العاصمة، و كان ذلك بدعم الأعضاء و مساندة بعض الهيئات و المؤسسّات. و مكّنت شبكة ''عتيد'' الملاحظين في تونس و الخارج من معاينة و تدوين إخلالات عدّة تمسّ من نزاهة الانتخابات و شفافيّتها.
"و تعلّقت هذه الاخلالات بنواحي عدّة منها التّنظيميّة و القانونيّة و الأخلاقيّة، و قد تمّ ارتكابها من قبل بعض الأشخاص التّابعين لمكاتب الإقتراع، الّذين ينقصهم التّكوين كلّيّا أو جزئيّا أو من قبل بعض أعضاء الأحزاب السّياسيّة الّتي مارست أفعالا مشبوهة"، ذلك ما صرّحت به السّيدة ليليا الرّبعي، المكلّفة بالانتخابات بجمعيّة ''عتيد''.
و بالنّسبة لأعضاء مكاتب الإقتراع، في تونس و الخارج، رصد ملاحظو ''عتيد'' نقائص هامّة في الإلمام بالقانون الانتخابي و تراتيب الإقتراع و تحرير المحاضر من جهة و بعض الإنحياز السّياسيّ لدى بعضهم من جهة أخرى.
''و كان الإعلان المتأخّر لتراتيب الإنتخاب و العودة المفاجئة للتّسجيل الآلي و القرار المتعلّق بالقائمات الإضافيّة و عدم نشر عناوين مكاتب الإقتراع، خاصّة منها مكاتب الإقتراع الخّاصّة من أبرز الملاحظات الّتي أثّرت سلبا على تسيير الانتخابات في المجال التّنظيميّ'' تشير السّيدة ليليا الرّبعي، مضيفة '' كان أهمّ فراغ في التّراتيب و الذي يثير حيرة متعلّق بالإطار العامّ لعمليّة جمع النّتائج و إصلاح الأخطاء المادّية. إذ تمّ تسييرها بدون ظوابط محدّدة في مناخ من الضبابيّة و الإرتجال ممّا انجرّ عنه عراقيل في عمليّة الملاحظة و غياب البطاقات الّتي تعرّف بالأشخاص و حضور خفيّ لأشخاص غير معتمدين و قلّة أو عدم وجود المحاضر".
كما سجّلت عمليّات الانتخاب في الخارج حالات متعدّدة من التّجاوزات الخطيرة لمبدإ الشّفافيّة وللإجراءات المتعلّقة بمراقبة نزاهة الانتخابات.
''إنّ صناديق الإقتراع غير المشمّعة أو المغلقة بوسائل غير رسميّة في مكاتب الإقتراع بالخارج و الّتي قمنا بمعاينتها شهدت تجاوزات خطيرة من بينها اصطحاب الصندوق من قبل أحد أعضاء مكتب الإقتراع''، تصرّح السّيدة ليليا الرّبعي، مضيفة ''أنّ عمليّات إحتساب و رقات الإقتراع شملت أوراقا غير مختومة من الأربع جهات. كما اتّسم الإقتراع بالخارج بإنتهاك سريّته و عدم حياد أعضاء بعض المكاتب و القيام بحملات داخل المكاتب و قلّة التّنظيم".
و من أجل اجتناب هذه المجموعة من الإخلالات على كافّة المستويات ستقترح جمعيّة ''عتيد'' في تقريرها النّهائي جملة من التّوصيات الّتي تهدف إلى تحسين المسارّ الانتخابي و مجالاته.
و في الإبّان، تدعو جمعيّة ''عتيد'' الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات لنشر تفاصيل النّتائج لكلّ مكتب إقتراع دون تأخير و ذلك حتّى يتسنّى لكلّ مواطن تونسيّ من التأكّد من نزاهة العمليّة الانتخابيّة. و هو الضّامن الأكبر للشفافيّة الّتي ينصّ عليها القانون، خاصّة و أنّ عمليّة الجمع قد أفرزت تساؤلات موضوعيّة و مشروعة.
و بتجنيده لأكثر من 12000 ملاحظ على أغلب مكاتب الإقتراع، أكّد المجتمع المدنيّ التّونسيّ عن إلتزامه في معاينة حسن سير المسارّ الدّيمقراطي للبلاد. و كان لشبكة ''عتيد'' المتكوّنة من ألفي ملاحظ دورا هامّا في عمليّة الملاحظة على المستوى الوطنيّ و الدّوليّ، و مكّنها من معاينة و تدوين إخلالات تمسّ من نزاهة و شفافيّة الانتخابات. و يختم السّيد معز بوراوي، رئيس جمعيّة ''عتيد'' قائلا: ''لا بدّ أن ننقل صوت المجتمع المدنيّ التونسيّ في ما يتعلّق بنزاهة و شفافيّة انتخابات المجلس الوطني التأسيسيّ ونأمل أن يثق التّونسيّون في آليّات الرّقابة الدّاخليّة لإزالة شبح الشكّ و الرّيبة."