صار من المألوف أن يتجمع سنويا عدد من المواطنين قبالة سفارة السعودية ليرابطوا مدة أيام أملا في الحصول على تأشيرة لتأدية فريضة الحج طالما لم تشملهم القرعة لكن ما هو غير عادي هذا العام هو أن هؤلاء المخيمين أمام سفارة السعودية بالعاصمة ليلا نهارا قد تقلصت حظوظ البعض منهم في الحصول على تأشيرة بعد أن تمت مكافأة حوالي 25 نائبا من المجلس الوطني التأسيسي وتمكينهم من تأشيرات للحج بالإضافة إلى أن الوفد الرسمي لوزارة الشؤون الدينية يضم عددا من نواب التأسيسي... ورغم أنه من حق هؤلاء النواب تأدية فريضة الحج والوقوف على عرفة وحتى الدعاء لبقية زملائهم بالمغفرة وحسن العاقبة فإن ما لا يمكن قبوله هو أن هؤلاء النواب لم يختاروا التوقيت المناسب.. وكأنه لا ينتظرهم دستور ولا تعنيهم مسألة الجدل حول الشرعية وموعد 23 أكتوبر والملفات الحارقة.. ويبدو أن هؤلاء النواب لو سعوا إلى مساعدة بعض المخيمين الذين أشرنا إليهم آنفا، كان أفضل لهم بل سيجنون أجرا مضاعفا، وانصرفوا لكتابة الدستور والنظر في مشاريع القوانين وتسريع عمل اللجان أو حتى الاهتمام بالشأن العام. إن مسألة حج عديد النواب ومن حزب واحد غذت التأويلات وطرحت أكثر من سؤال حول مصير الدستور كما حركت أطرافا أخرى خرجت للعلن وأبدت امتعاضا من وزارة الشؤون الدينية ومن مقاييس اختيار مرافقي الحجيج... لقد عبرت عن ذلك بصريح العبارة الإطارات المسجدية التي كان يفترض أن تحظى بالأولوية في مرافقة الحجيج... وأن تمارس مهامها ببيوت الله بعيدا عن التجاذبات السياسية والحزبية، ومساعدتها على تحييد المساجد.. لكن ماذا عسانا نقول غير «اللي حج.. حج واللي عوّق عوّق» ولو أنه في مثل هذه الحال «الدستور عوّق» لأن النواب أدوا فريضة الحج ولا تهم باقي الالتزامات...