إنّ استجابة عشرات الأحزاب السياسيّة في تونس لدعوة الإتحاد العام التونسي للشغل للمشاركة في المؤتمر الوطني للحوار الذي انتظم يوم أمس بالعاصمة ورغم أن حزب حركة النهضة وحليفه المؤتمر من أجل الجمهورية برزا بالغياب يمكن اعتبارها مطمئنة حول استعداد ما نصطلح عليهم بالفرقاء على نبذ الخلافات والإجتماع حول مبادرة جدية من أجل تونس. ولئن جاءت المبادرة بنقاطها العديدة التي تتعلق بالخصوص بالنظام السياسي الجديد وبالإستحقاقات القادمة وبالهيئات الوطنية إلخ من الإتحاد العام التونسي للشغل المنظمة الشّغيلة التي تستمد مشروعيتها في التحرك على المستوى الوطني من تاريخها النضالي العريق وتمثيليتها الواسعة للعاملين بالفكر والساعد في البلاد فإنه كان من المهم أن يسارع الأمين العام للإتحاد حسين العباسي إلى وضع المبادرة في سياقها الطبيعي خلال الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر بحضور كل من رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر ورئيس الحكومة حمادي الجبالي عندما قال بالخصوص أنها تدخل في إطار المحاولة للتأسيس لثقافة جديدة للحوار الوطني أو حينما قال أن الدعوة للحوار الوطني لا تعوض بأي حال من الأحوال السلطة الدستورية القائمة. فمن المهم جدا أن تدار الأمور في شفافية كما أنه علينا أن نفوّت على المتربصين بالتجربة الديمقراطية الجديدة فرصة ثمينة للمزايدات أو التحجج بأسباب واهية للتملص من مسؤولية المشاركة في الحوار الوطني. لكن بالتوازي مع ذلك كان لزاما على المجموعة الوطنية وفي المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا وموعد 23 أكتوبر 2012 على الأبواب والإعلان عن روزنامة سياسية واضحة صادرة عن المجلس الوطني التأسيسي طال انتظاره كما أن مبادرة الترويكا المبرمجة ليوم الغد 18 أكتوبر لحقت بعد وقت طويل على اعلان مبادرة الإتحاد أن لا تقف مكتوفة الأيدي. كان لابد من حركة جريئة تحاول كسر الأقفال محكمة الغلق وترج الصفوف. كان لابد من مبادرة تأتي من أي طرف وطني مادام يضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار ويستمد مشروعيته من الإيمان بأن الكل مطالب اليوم وفي هذه المرحلة الإنتقالية الحاسمة بالتحرك من أجل المساهمة في تحقيق عبور آمن إلى المرحلة القادمة. وفي هذا السياق يمكن تنزيل مبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل. بطبيعة الحال لم نكن ننتظر نتائج حاسمة خاصة في غياب طرفين أساسيين في المشهد السياسي الحالي( حزب حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية ) كما أن الخطب الرسمية للرؤساء الثلاثة كانت حذرة جدا ولم تخرج من دائرة اطراء فكرة التوافق الوطني لكن الحدث يظل محافظا على أهميته خاصة إذا ما اعتبرناه اختبارا لمدى استعداد الفرقاء في تونس للإلتقاء من أجل تونس.