بعد جدال كبير بين مكونات المجتمع السياسي حول الشرعية ما بعد 23 أكتوبر والذي انتهى دون أن يشهد ما ينتظره البعض ممن تنبؤوا بالفوضى وغيرها لاقتناعهم بانتهاء شرعية التأسيسي والحكومة الحالية، اتفق الجميع على ضرورة التوافق من أجل المرور بتونس إلى برّ الأمان بعد خوض انتخابات ديمقراطية وشفافة وهو توافق كثيرا ما تردد في الأذهان لكنه بقي مجرد دعوات تفتقد إلى التجسيد. ومع انطلاق مرحلة ما بعد هذا الموعد (23 أكتوبر) كيف يجب أن تدار الدولة؟ هل بالاكتفاء بالحديث عن التوافق والحوار فقط؟ وماهي أولويات هذه الفترة؟ وأيّة علاقة منتظرة بين "الترويكا" وباقي الأحزاب داخل التأسيسي وخارجه؟ أسئلة عديدة توجهت بها "الصباح الأسبوعي" إلى ممثلين عن أطراف سياسية فكانت آراؤهم متباينة. اليد في اليد.. تقول سامية عبو (نائبة عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية): "نحن بصدد نقاش أول فصول الدستور وسنعمل على تسريع وتيرة عملنا داخل المجلس بعد التوافق بين جميع النواب حول الفصول المطروحة للنقاش حتى نصل إلى المصادقة عليه في الموعد المحدد أي في شهر مارس القادم، لكن للأسف تضيع أوقات كثيرة في نقاش لا يسمن ولا يغني من جوع لذلك علينا كنواب أن نجتهد في مهمتنا ونقلص من افتعال المشاكل والتجاذبات السياسوية. علينا جميعا كنواب وباقي مكونات المجتمع العمل سويا فعلى سبيل المثال نحن الآن في حاجة إلى رجال اقتصاد ليوجهوا الناس ويبينوا لهم الوضع الاقتصادي وتحديات المرحلة وكيفية المساهمة في الدورة الاقتصادية. عموما نبقى جميعنا داخل المجلس وخارجه منتسبين إلى أحزاب وناشطين في المجتمع المدني نفتقر إلى وعي وطني يدفعنا إلى وضع اليد في اليد من أجل مصلحة تونس أولا". وتواصل سعاد عبد الرحيم (نائبة عن حزب حركة النهضة) في نفس السياق حيث ترى أنه لابد من بعث رسائل طمأنة للشعب رغم كل التجاوزات السياسية والانزلاقات والثغرات التي تتجسد في العنف اللفظي المتبادل أحيانا بين النواب والذي سيؤثر سلبا على الشارع التونسي المتابع لمجريات الجلسات العامة، حيث تقول: "لم تنته بعد الحملات الانتخابية وقد كان ذلك جليا في مداخلة عدد من النواب الذين تحدثوا باسم أحزابهم وليس على اعتبارهم نواب الشعب أو النضال باسم جبهة معينة أو مطالبة البعض بطلبات تعجيزية كحلول لإخماد تحركات الشارع في عدد من المناطق والتي نحن واعون بمشروعيتها". أولويات بدورها تطالب نادية شعبان (النائبة عن المسار) بحياد وزارات السيادة وبوجود البديل الاقتصادي والاجتماعي الذي ترى أنه مفقود لدى الائتلاف الحاكم الذي يفتقر حسب رأيها إلى رؤية ومشاريع ثورية لتونس بعد الثورة، وتنادي بأن تكون هيئة الانتخابات معينة أواخر السنة الجارية. كما دعت إلى الإسراع في حل قضية العدالة الانتقالية بمحاسبة رموز الفساد الموجودين دون محاكمة فيما يتم التشكيك في عناصر أخرى على حدّ تعبيرها -، وقد قالت: "بالإضافة إلى ما تمّ ذكره لابد من التقليص من المزايدات والعنف السياسي وللأسف عند الحديث عن دعوات كثيرة للحوار فإنه تبقى دعوات جوفاء من قبل الجميع". مسكنات لا غير.. لكن ويسجل محمد القوماني الأمين العام لحزب الإصلاح والتنمية نوعا من القلق بخصوص مرحلة ما بعد 23 أكتوبر، حيث قال: "لديّ نوع من القلق لمرور موعد 23 أكتوبر دون حصول توافقات حقيقية لإدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية، ف'الترويكا' اكتفت بتحديد موعد الانتخابات والحديث عن الهيئات المستقلة دون مناقشة هذه الملفات مع الأطراف السياسية والاجتماعية لتقييم المرحلة ولرؤية كيفية إدارتها لذلك فالتطمينات التي أعطيت بمناسبة نقاش الدستور هي عبارة عن مسكنات لا تفي بالحاجة. إن أهم ما يمكن أن يعيد الثقة هو تخلي الائتلاف الحاكم عن فكرة أنه مفوض لإدارة المرحلة بمفرده".