فيلم "الأستاذ" للمخرج التونسي محمود بن محمود عرضه (الأول اليوم بالمسرح البلدي بصفاقس) وثق لفترة تاريخية هامة من تاريخ تونس ولما عاشته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من صراعات ومحاولات تركيع من قِبل السلطة الحاكمة وكذلك وسط مخاض لاحتقان شعبي وكان تاريخ 26 جانفي 1978 نتيجة حتمية لدكتاتورية السلطة تجسم في التحام بين الطلبة والعمال. جسم لسعد الجموسي ابن نوادي السينما والمناضل في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أحد الأدوار الهامة في الفيلم وتحدّث بالمناسبة ل"الصباح" عن خوضه للتجربة التي جمعت بين الثقافي والحقوقي في مسيرته. فقال الجموسي أنّ مشاركته في فيلم "الأستاذ" كانت مميّزة وتلخّص مسيرة انتهجها منذ السبعينات في نشاطه بين المسرح والسينما ونضالات الحركة التلمذية والطلابية لا سيما وأنه منذ طفولته كان منتميا للمسرح المدرسي واشتغاله بالفرقة القارة للمسرح إضافة إلى تجربة نوادي السينما وما صاحبها كذلك من انجاز لأفلام توثيقية وغيرها من الأنشطة الثقافية التي رأى فيها الجموسي بأنها تمثل نقطة التقاء وجدها في فيلم المخرج التونسي محمود بن محمود هذا الأخير الذي لم تكن اختياراته للممثلين مقتصرة على البعد الجمالي الفني ولكنها تنبني كذلك على مفهوم المواطنة ومبدإ الالتزام. لسعد الجموسي الذي جسم في فيلم "الأستاذ" دور سعدون الزمرلي في إشارة إلى شخصية سعدون المولهي الذي كان أول رئيس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان رأى في الشريط محاكاة وتماهيا بين الشخصيات في فترة حساسة ومفصلية من تاريخ تونس وهي فترة السبعينات في خضم التحركات الطلابية والعمالية والإرهاصات الأولى لأول شرخ بين المجتمع والدولة عبّر عنه الفيلم في فترة كانت فيها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان - مثلما أفاد الجموسي - تخضع إلى المحاصصة الحزبية لإيجاد بعض التوازنات أو الضمانات للدولة عبر السعي لفرض تمثيلية الدستوريين بداخل الرابطة ودرجة الصراع بين الكتلتين الحقوقية والدستورية. صاحب دور "سعدون المولهي" في الشريط أضاف بأنّ "الأستاذ" يكشف في فترة هامة في تاريخ البلاد الاضطرابات الاجتماعية والسياسية وكان الفيلم محمّلا بإشارات عديدة تحيل على سنة 2010 حيث اندلعت في ديسمبر -عندما كان التصوير مستمرا- شرارة الثورة بحرق البوعزيزي لنفسه ليكون الشريط كذلك شاهدا على الاحتقان الشعبي القائم حيث كانت البلاد على فوهة بركان وعاشت تحركات شعبية هامة. واعتبر لسعد الجموسي أنّ هذه المشاركة قد فتحت له الباب للمشاركة في فيلم "شوك الياسمين" للمخرج رشيد فرشيو وهو مواصلة للحلم الذي راوده في خوض تجربة التمثيل. علما وأن فيلم "الأستاذ" الذي سيعقبه نقاش بنادي سينما الأرض بالتعاون مع المندوبية الجهوية للثقافة وكذلك بمشاركة الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة فرع صفاقس ونادي السينما الطاهر شريعة وجمعية أجيال مواطنة والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بصفاقس إلى جانب فرعي صفاقس الشمالية والجنوبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.