رغم التهاطل الكثيف للأمطار لم يتراجع عدد من المحبين للفن الرابع عن حضور العرض الأول لمسرحية "حالة إيقاف" للمخرجين صالح جدي ولطفي العكرمي وإنتاج "توليب للانتاج" إذ توافد أبناء المسرح على قاعة الفن الرابع بالعاصمة لمتابعة هذا العمل المدعم من قبل وزارة الثقافة. صراخ امرأة مقعدة وفتاة تجرها أيادي البوليس رفقة صديقها هو المشهد، الذي فاجأ مختلف الحاضرين في بداية عرض "حالة إيقاف" خاصة وأن الممثلين اقتحموا قاعة الفن الرابع من بوابة الجماهير ولم يعتلوا الركح مباشرة... ممّا أثار زوبعة من التصفيق والإعجاب لتنطلق أحداث المسرحية في فضاء أوحد هو دهاليز وزارة الداخلية فبرزت قيود التعذيب والمكتب المعتم عمدا ضمن ديكور «حالة إيقاف". الحدث هو جريمة قتل لرجل ثري في فندق متواضع تتخذه الشرطة ذريعة لتشويه صورة المناضلين واتهامهم بجرائم لم يرتكبوها وذلك من خلال شخصية أمير(ناصر العكرمي) المنتمي لحزب محظور والذي يعمل نادلا في مكان الجريمة. يسيطر خطاب المناضل وعدوه المحقق على مختلف مراحل «حالة إيقاف» فيما تظهر ملامح بقية الشخصيات من حين لآخر دون أن يكون لها أثر في تغير أحداث العمل.. شخصيات سلبية تخاف البطش وتخيل لها مجرد وعود.. الحياة أفضل.. هن ثلاث نساء الأولى امرأة مسنة وصاحبة الفندق الجشعة تجسد شخصيتها باقتدار لطيفة القفصي- وافقت على الشهادة ضد الشاب المعارض دون اعتراض والثانية هي ابنة القتيل «فاطمة» والتي فضلت اتهام «أمير» على البحث عن القاتل الحقيقي لوالدها ممّا يضعها على رأس قائمة المتهمين وثالثتهن «ياسمين» حبيبة البطل، التي أغراها المال فتركته بتململ وعذاب الضمير - يدفن في دهاليز وزارة الداخلية. مسرحية «حالة إيقاف» حاولت نقل مختلف وجهات النظر فكشفت عن هواجس الجلاد وخوفه من نظرة الاحتقار في أعين أبناء شعبه فيما يسعى زميله في أرشيف الداخلية إلى الهروب من عذاب ضميره بطلب الاستقالة المرفوضة دوما من رؤسائه في العمل. يجسد أدوار «حالة إيقاف» كل من كاتب نصه معز بن طالب وناصر العكرمي الذي أمضى دراماتورجيا العمل وكل من لطيفة القفصي وبشير ونصر الدين المناعي وهاجر غرس ونادرة ساسي. وأكد الممثل معز بن طالب أنه راض على أدائه وسعيد بتفاعل الجمهور الحاضر في العرض الأول لمسرحية «حالة إيقاف» مشيرا إلى أن إنجاز هذه المسرحية هو دليل على مبادرة وزارة الثقافة بدعم الوجوه المسرحية الشابة. ولعّل النقطة السلبية في هذا العمل والتي لاحظنا تأثيرها على أداء الممثلين وسينوغرافيا هي اشتراك مسرحيين في عملية الإخراج وكان من الأفضل أن يواصل أحدهم العمل على المسرحية حتى تكون الرؤية الفني أكثر انسجاما.