يتذمر العديد من نواب المجلس الوطني التأسيسي من غيابات زملائهم وتأخيرهم وذلك لتسببها في تعطيل سير أشغال اللجان أو إرباك الجلسات العامة ويطالب بعضهم بإقرار عقوبات على النواب غير المنضبطين. ويلاحظ المتابع لأشغال المجلس عن كثب تواتر الغيابات والتأخير خلال الفترة الماضية بصفة ملحوظة، حتى أن الدكتور مصطفى بن جعفر اضطر صباح أول أمس إلى رفع الجلسة العامة المخصصة لمناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات لعدم توفّر النصاب. وفي حديث معهم كشف بعض النواب أسباب هذا التأخير، وتلك الغيابات، وأبرزوا انعكاساتها السلبية على سير أشغال المجلس، وفي المقابل برروها ووجدوا لها أعذارا. كثرة اللجان تقول النائبة سعاد بن عبد الرحيم إن الغيابات ظاهرة سلبية موجودة في المجلس الوطني التأسيسي وتؤثر على نسق أشغاله، لكن هناك غيابات مبررة ومعللة ومعلومة، فهناك نواب يكلفون بمهمات وآخرون يقومون بسفرات إلى الخارج. وإضافة إلى ذلك فإن اللجان التأسيسية واللجان التشريعية والخاصة يمكن أن تجتمع في نفس الوقت وهناك نواب ينتمون إلى أكثر من لجنة وبالتالي فإن حضورهم في لجنة يقابله غيابهم في الأخرى. وعبرت النائبة عن أملها في تلافي الغيابات والتأخير مستقبلا خاصة وأنه امام المجلس مهاما ثقيلة وتكتسي درجة كبيرة من الأهمية إذ سيناقش الدستور ومشاريع قوانين أخرى هامة. ولا ترى النائبة رابطا بين كثرة الغيابات وقرار تجميد منح النواب لكنها تؤكد على ضرورة تحوير النظام الداخلي لإيجاد فصل ينص على عقوبات في حالة الغيابات المتكررة وغير المبررة للنواب. اهدار الوقت بين النائب المنجي الرحوي أنه من المفروض أن يلتزم النواب بالحضور في الموعد المحدد حتى لا يضيع الوقت هدرا لكنهم اعتادوا على التأخير وهذا مرتبط برئاسة المجلس التي لا تلتزم بالمواعيد مما جعل النواب يتعودون منذ البداية على نسق معين، وبعد مرور كل هذه المدة سيكون من الصعب محو عادة التأخير. ويضيف النائب أن الغيابات تجعل حمل النواب المنضبطين ثقيلا، لأنهم يقومون بأعمالهم وأعمال غيرهم من النواب المتأخرين أوالمتغيبين. ويبرر غياب الكثير من النواب بالتأكيد على أنهم ممزقون بين مهامهم في المجلس ومهامهم في الجهات وتنقلاتهم للإدارات والوزارات لبحث حلول لمشاكل المواطنين. ويؤكد في المقابل ضرورة التزام الجميع بالحضور في الوقت خلال الجلسات القادمة وفيما تبقى في عمر المجلس لأنها على غاية من الأهمية. ويقول الرحوي إنه يساند علمية إقرار الخصم من مرتبات النواب الذين يتغيبون أو يتأخرون لأسباب غير مبررة. مزيد من الجدية ويذهب النائب أحمد ابراهيم إلى نفي ظاهرة غيابات النواب وتأخرهم وبين أن الإشكال يكمن في عدم الالتزام بالوقت سواء من قبل النواب أو رئاسة المجلس وهو ما يتطلب الحد من هذا التأخير خاصة خلال الفترة القادمة التي تتطلب من جميع النواب أن يكونوا أكثر جدية ويجب على جميع النواب تحمل مسؤولياتهم. وبين أن النائب يمكن أن يتأخر أو يتغيب لأسباب قاهرة لكن تكرر التأخير أو الغياب غير مقبول. الأولوية للدستور ويقول النائب صالح شعيب متحدثا عن أسباب غيابات النواب وتأخيرهم إنها مرتبطة بعدم انضباط مكتب المجلس منذ البداية إذ كثيرا ما كانت الجلسات تتأخر لساعة أو ساعتين بسبب عدم قدوم الرئيس ونائبيه في الموعد وهذا النسق تعود عليه النواب بصفة تدريجية. وأضاف شعيب أن هناك نوابا مكلفون بمأموريات من قبل المجلس وهناك من يشاركون في بعثات إلى الخارج وهناك من يتنقل إلى الجهات وكان للنواب في البداية الحق في أسبوع يقضونه في جهاتهم لكن تم حذفه دون استشارتهم الأمر الذي يدفع ببعضهم إلى التغيب عن حضور الجلسات. وفسر أن النواب أصبحوا أعضاء في المجالس الجهوية ويتطلب ذلك حضورهم في الجهات للقيام بمسؤولياتهم الجهوية. وذكر النائب أن كل تأخير أو غياب له آثار سلبية لأن القرارات تتخذ بالتصويت بالأغلبية وكل صوت له قيمته. وبين أن النواب مطالبون مستقبلا بمزيد الانضباط وعدم اضاعة الوقت لأنه ستقع مناقشة الدستور ومشاريع قوانين مهمة ودعاهم إلى عدم الانشغال عن هذه المسؤوليات الجسيمة بالأنشطة الحزبية والجهوية وأن يكرسوا جهودهم لمناقشة الدستور الذي انتخبوا من أجله. وبرر النائب صالح شعيب غياب بعض النواب عن جلسات اللجان بتغيير البرنامج وبين أن هذا التغيير احدث بلبلة داخل اللجان إذ يوجد نواب ينتمون إلى عدة لجان وكثيرا ما أصبحت اجتماعات هذه اللجان متزامنة. وعن رأيه في مقترح الخصم من أجور النواب في صورة عدم التزامهم بالمواظبة، بين أنه في لجنة النظام الداخلي عارض كل العقوبات المقترحة على النواب ومنها ما يتعلق بإسناد انذار للنائب الذي يتأخر أو يتغيب مرة أولى ثم مرة ثانية ثم طرده من قاعة الجلسات العامة ثم معاقبته بحذف ربع مرتبه مدة شهرين.