خبير في المحاسبة: النظام الجبائي في تونس غير منصف - تعديلات كبيرة على الضريبة والفصول المنظمة لها لاحت في مشروع قانون المالية الذي من المنتظر أن يشرع المجلس التأسيسي في مناقشته في الايام القليلة القادمة. وبالنظر لمشروع قانون المالية الجديد، نجده يتضمن 54إجراء جبائيا تندرج في إطار الأهداف الكبرى للبرنامج الاقتصادي والاجتماعي للحكومة. وتتعلق أساسًا باقتراح إجراءات لتوفير موارد إضافية لميزانية الدولة وإجراءات وأحكام تتصل بمقاومة الفساد ودعم الشفافية ومساندة قواعد المنافسة النزيهة والتصدي للتهرب الجبائي علاوة على العمل على تحسين نسب استخلاص الأداء. ومن أهم الاجراءات الجديدة المقترحة في المشروع، اللجوء الى الترفيع في العديد من الأداءات والمعاليم أهمها مراجعة نسب المعلوم على الاستهلاك المستوجب على المشروبات الكحولية والذي سيوفر للدولة ما يعادل 170 مليون دينار، كما سيتم الترفيع في تعريفة معلوم التسجيل القارّ من 100 دينار إلى 150 دينارا المستوجب بعنوان تسجيل عقود الشركات وتجمعات المصالح الاقتصادية وبعنوان التصريح بالاكتتاب والدفع الذي يتلقاه قابض المالية عند تسجيل عمليات التكوين أو الترفيع في رأس مال شركات الأسهم وهو ما سيوفر ما يعادل 900 ألف دينار. ديناران إتاوة عن كل ليلة فندقية كما تضمن المشروع الذي أعدته الحكومة المؤقتة إجراءات تتعلق بإحداث إتاوة دعم توظف على دخل الأشخاص الطبيعيين بنسبة واحد بالمائة على دخلهم الصافي الذي يفوق مبلغ 20 ألف دينار سنويا بعد الخصم مع ضبط حدّ أقصى للخصم بألفي دينار سنويا. كما سيتم توظيف إتاوة على كل مقيم بالنزل التونسية يتجاوز سنه 12 سنة بمبلغ دينارين عن كل ليلة يبدأ تطبيقها من تاريخ غرة أكتوبر 2013. ويقترح المشروع المعروض توظيف إتاوة بنسبة واحد بالمائة على رقم معاملات الملاهي والملاهي الليلية والمقاهي والمطاعم ومحلات بيع المرطبات من منطلق أن هذه المحلات تستعمل المواد الاستهلاكية المدعمة من سكر وشاي وقهوة. ومن ضمن الإجراءات الهامة التي تضمنها مشروع قانون المالية للسنة القادمة سحب الطرح الإضافي من قاعدة الضريبة المحدد بألف دينار بالنسبة إلى الأجر الأدنى المضمون على الأجراء وأصحاب الجرايات الذين لا يتجاوز دخلهم السنوي الصافي 5 آلاف دينار وهو اجراء سيكلف الدولة ما قدره 77 مليون دينار. كما تم اقتراح الترفيع في الطروحات من قاعدة الضريبة على الدخل بعنوان الأطفال في الكفالة إلى 100 دينار بالنسبة إلى كل طفل بصرف النظر عن عددهم ومن 150 إلى 250 دينارا بعنوان رئيس العائلة علاوة على أخذ التخفيض المحددّ بعين الاعتبار بألف دينار من قاعدة الضريبة بعنوان الأبناء المعاقين بعين الاعتبار عند احتساب الخصم من المورد.وكذلك الترفيع في النسبة القصوى لجدول الضريبة على الدخل. كما منح المشروع المؤسسات الصغرى والمتوسطة المحدثة خلال سنة 2013 الإعفاء من الضريبة على الأرباح لمدة ثلاث سنوات وهو ما من شأنه أن يشجع على دفع الاستثمار وخلق مواطن الشغل. نظام جبائي غير عادل وفي تعليق على الجانب الجبائي في مشروع ميزانية 2013، ذكر السيد زياد بن عمر المختص في المحاسبة وعضو هيئة المحاسبين ل»الصباح» أن النظام الجبائي في تونس بصفة عامة متشعب وغير منصف، حيث إّن المؤسسات الخاضعة للنظام التقديري لا تساهم إلاّ بقدر ضئيل في تعبئة الموارد الجبائية للبلاد كما أنها ليست خاضعة للاداءات على القيمة المضافة ومعفاة من مسك دفتر حسابات. وأضاف بن عمر أن النظام التقديري للضريبة غير عادل حيث تفاقم عدد الخاضعين للنظام الجبائي التقديري الذي ارتفع عددهم من 140 ألف سنة 1989 إلى أكثر من 380 الف حاليا أي زيادة بأكثر من 60 بالمائة من الخاضعين للاداءات في حين لا يساهم هذا النظام الا بنسبة ضئيلة جدا لا تتعدى ثلاثة بالمائة من المداخيل الجبائية للدولة. وأوضح أن عددا كبيرا من المنتفعين بالنظام التقديري للضريبة يحققون أرباحا تتجاوز بكثير الأرقام المصرح بها مقترفين في ذلك تجاوزات في حق المجموعة الوطنية كما يعد هذا آلية للتهرب الجبائي، مما يستوجب اليوم مراجعة هذا النظام، مذكرا أن قانون المالية لسنة 2011 قام بمراجعة النظام التقديري للضريبة على الدخل وذلك بالترفيع في الحد الأقصى من رقم المعاملات السنوي من 30 ألف دينار إلى 100 ألف دينار بالنسبة إلى أنشطة الشراء لغرض البيع وأنشطة التحويل والاستهلاك على عين المكان و50 ألف دينار بالنسبة إلى أنشطة الخدمات. وتضبط نسبة الضريبة التقديرية على أساس رقم المعاملات السنوي ب 2 % بالنسبة إلى أنشطة الشراء لغرض البيع و 2.5 % بالنسبة إلى الأنشطة الأخرى بحيث لا يمكن أن تقل الضريبة التقديرية السنوية عن 50 دينارا بالنسبة للمؤسسات المنتصبة خارج المناطق البلدية و100 دينار بالنسبة إلى المؤسسات الأخرى. لكن رغم محاولات الاصلاح يبقى هذا النظام يمثل عائقا في المنظومة الجبائية ولا يكرّس مبدأ العدالة الجبائية والتوزيع العادل للعبء الجبائي. ويذكر بن عمر أنّه منذ سنة 1989 وبصدور مجلة الضريبة على الدخل- ورغم المحاولات العديدة للمشرع التونسي التضييق على هذه المنظومة والحدّ من عدد المنتفعين بها- فإن الإشكال ما زال قائم الذات ويتطلب قرارا جريئا ومراجعة جذرية في سبيل تنمية موارد التنمية والقطع مع التهرب الجبائي وخلق فرص عمل جديدة خاصة في الاختصاصات المالية من محاسبين ومستشارين جبائيين والمحافظة على القدرة التنافسية للمؤسسة. المراجعة الجذرية والعاجلة للنظام التقديري واقترح عضو هيئة المحاسبين مراجعة جذرية وعاجلة للنظام التقديري حيث أنّ هذا النظام لا يكرس العدالة الجبائية المرجوة ويحرم الدولة من موارد إضافية هامة وكذلك مراجعة جدول احتساب الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين الذي لم تتم مراجعته منذ سنة 1989 وايضا مراجعة نسبة الآداء على ضريبة الشركات التي تعتبر مرتفعة مقارنة بعديد الدول، والتي تقدر اليوم ب 30% مشيرا ان النسبة المثلى اليوم هي في حدود عشرين بالمائة مما يحفز الشركات حتى تقوم بواجبها الجبائي في كنف الشفافية المنشودة والمحافظة على قدرتها التنافسية وتحفيزها على خلق مواطن شغل. ودعا زياد بن عمر الى ضرورة تنقيح وإلغاء العديد من القوانين التي كرست التهرب الجبائي خاصة منها الفصل 3 من مجلة التشجيع على الاستثمارات والأمر عدد 492 لسنة 1994 لوضع حد للتحيّل والفساد . فضلا الى التفكير في توظيف ضريبة على نمو الثروة مكافحة للفساد وقطع الطريق امام المتهربين من دفع الضرائب. وأشار بن عمر الى أن مراجعة مجلة الاستثمار أمر محبذ اليوم لكن وجب ان يسبق ذلك اصلاح المنظومة الجبائية وتشخيص واقع الاستثمار وتقييم الحوافز الجبائية التي منحت للمؤسسات وتحديد قيمتها والوقوف على مدى نجاعتها في تشجيع الاستثمار. وأكد أن الترفيع في النسب الذي اعتمده اساسا مشروع الميزانية ليس له جدوى كبيرة في الترفيع من المداخيل الجبائية لأن المبدأ المعروف هو أنه كلما ارتفع الضغط الجبائي كلما ارتفعت وتنوعت طرق التهرب من القيام بواجبه الجبائي.