لم تقتصر قوات الأمن على استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في ولاية سليانة.. فقد لجأت إلى استعمال سلاح يبدو أنه جديد على المحتجين التونسيين، ووفقا لروايات أبناء سليانة تم اعتماد ذخيرة غير معروفة تشبه في شكلها الخراطيش يقع قذفها باتجاه المتظاهرين فتنقسم الى أجزاء متشظية تطلق اعتباطيا في شكل جزئيات صغيرة بكل الاتجاهات على غرار ما يعرف ب"الرش" الذي يعتمد في صيد الحيوانات.. وتبعا للاصابات المعلنة من قبل اقسام الاستعجالي خلفت هذه الذخيرة اصابات مختلفة لدى المواطنين المتظاهرين أشدها خطورة سجل على مستوى العين.. حتى أن طبيب مستشفى الهادي رايس رجح امكانية فقدان المصاب للبصر. واعتبر سامي الطاهري الأمين العام المكلف بالإعلام بالاتحاد العام التونسي للشغل أن "رجال الأمن قد اعتدوا على المتظاهرين دون اية دافع فقد كان يفصلهم المتظاهرين مسافة هامة عن مقر الولاية". وصنف الطاهري التدخل الأمني في خانة القمع المفرط يحمل الكثير من التشفي.. ورأى أن ما وقع في ولاية سليانة يتطلب فتح تحقيق في طريقة قمع المظاهرات.. نفس الموقف تبنته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان حيث اعتبرت ان المعالجة الأمنية لا تزيد الوضع الا احتقانا، وطالبت أمام التدخل الشرس لقوات الأمن بفتح تحقيق مستقل في من أمر ومن نفذ تلك الاعتداءات.. ذخيرة "الشوزن" ويذكر أن هذا النوع الجديد من الذخيرة والتي يشتبه في اعتمادها لقمع احتجاجات سليانة قد خلفت اصابات مشابهة للإصابات التي سجلت في احتجاجات البحرين، اين تم اعتماد ما يعرف بقنابل "الشوزن" أو بندقية الرش أو سلاح الرصاص الإنشطاري وهو سلاحٌ ناري يُطلق مجموعة كبيرة من الرصاص في وقتٍ واحد، والرصاصة عبارة عن كرات معدنية في علبة وخلفها البارود. تنطلق الكرات المعدنية عند انفجار البارود خلال لحظة إطلاق النار، تتوفر عدة عيارات وأنواع لرصاص الشوزن، كما تتنوع أحجامها من قطر 5.5 ملم وصولاً إلى 5 سم، بتنوع آليات العمل. يعتبر "الشوزن" سلاح قتل حي وفعّال يؤدي إلى شلّ الحركة وفقدان السيطرة على الجسم، على الرغم من أن هذا السلاح إعتيادي في صيد الحيوانات إلا أن القليل من حكومات الدول تستخدمه لمواجهة الإنسان في حالاتٍ نادرة. ويمكن أن يعتمد "الشوزن" كسلاح خاص بمكافحة الشغب، حيث تُستخدم في هذه الحالة عيارات أقل فتكاً وخطورة، وتكون هذه العيارات أو الطلقات مملوءة بكرات مطاطية كبيرة نسبياً مقارنةً مع الكرات المعدنية الإعتيادية. تحريم دولي.. للأسلحة المتشظية تعتبر المنظمات الحقوقية الدولية استخدام "الشوزن" في تفريق المتظاهرين أمراً محرّماً في القانون والمعاهدات الدولية، حيث يُفضي إلى عاهات وإصابات بليغة لا تتوازن مع مواجهة حق التظاهر السلمي كما تؤكد الأممالمتحدة على ان الأسلحة التي تصدر شظايا لا يمكن الكشف عنها أو علاجها محرّمة وقد مررت الأممالمتحدة في العام 1980 البروتوكول الأول الملحق بالإتفاقية العالمية للأسلحة، والذي يتعلق بالأسلحة التي تصدر شظايا لا يمكن الكشف عنها، حيث يحرّم الأسلحة الانفطارية التي ينتج عنها شظايا وتدخل جسم الإنسان ولا يستطيع الطبيب أن يقدم العلاج المناسب للمريض لأن عدد هذه الشظايا كبير. الداخلية توضح وبسؤال "الصباح" وزارة الداخلية عن مصدر الذخيرة التي تم اعتمادها في ولاية سليانة ونوعها وهل أنها من ضمن المساعدات التي قدمتها دولة قطر لوزارة الداخلية؟، بين مسؤول من وزارة الداخلية أن الذخيرة التي استعملت تدخل في اطار السلاح المطاطي تم اعتمادها لثني المتظاهرين عن الدخول لمقر الولاية.. وأكد مصدرنا أنه تم اعتماد نفس الذخيرة في مناسبات سابقة على غرار أحداث السفارة الأمريكية ودوار هيشر. وبين محدثنا ان لا علم له ان كانت هذه الذخيرة من ضمن المساعدات القطرية لوزارة الداخلية مؤكدا أنها نوع عادي من الأسلحة المطاطية يتم استعمالها دولية قبل اللجوء لاعتماد السلاح الناري.. وأوضح مسؤول وزارة الداخلية أن القانون عدد 4 لسنة 68 ينظم كيفية مواجهة الاحتجاجات السلمية وغير السلمية وفي تونس يفرض القانون عدم التدخل في المسيرات السلمية التي تتقيد بالمسلك الذي حددته سلفا وبالشعارات والتوقيت والاقتصار على حمايتها. أما فيما يخص المسيرات أو الاحتجاجات، فقد وصفها نفس المسؤول بأنها "غير سلمية" مؤكدا حصول "محاولات اعتداء على أعوان الأمن أو مقرات السيادة فيتم أولا التنبيه بالأبواق وثني المتظاهرين على التقدم والشغب ثم وفي مرحلة ثانية يمر أعوان الأمن إلى المطاردة بالعصي ومحاولة التفريق وفي حالة عدم القدرة على السيطرة على المحتجين يتم اعتماد الرش بالماء (وفقا للامكانيات المتوفرة) أو بقذف القنابل المسيلة للدموع"، مشيرا إلى أن المرحلة الأقصى في التصدي للاحتجاجات هو استعمال الأسلحة المطاطية.. "هيومن رايتس وتش".. على الخط بينت آمنة قلالي ممثلة مكتب "هيومن رايتس وتش" في تونس أن الاتفاقيات الدولية وتوجيهات الأممالمتحدة لاستعمال السلاح من رجال الأمن تقوم على مبدأ أساسي هو عدم استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوى لخطر محدق بالنسبة للأشخاص مع ضمان التناسب بين استعمال السلاح وقوة المحتجين والابتعاد عن القوة المفرطة. وذكرت قلالي ان القانون التونسي (الفصل 20 و21) "لا يرقى الى المعيار الدولي حيث يفرض القانون التونسي استعمال القوة في "حالة ضرورة قصوى لحماية الأشخاص والمنشآت العمومية" في الوقت الذي يهتم القانون الدولي بالأشخاص فقط (رجل الأمن والمواطن).. كما يبدو أن حالة الضرورة التي يعتمدها الأمن التونسي أوسع بكثير من الضرورة التي ينص عليها القانون الدولي. وأضافت ممثلة منظمة "هيومن رايتس وتش" في العديد من المناسبات وقع الإخلال بالمرحلية الدولية لتدخل قوات الأمن لمواجهات التظاهرات أو الاحتجاجات الشعبية فلم يتم احترام مسافات اطلاق الغاز المسيل للدموع على غرار أحداث 9 أفريل". وأشارت قلالي أن المنظمة لم تنته بعد من البحث في احداث سليانة ولذلك لا يمكنها أن تقدم توضيحا فيما يخص نوعية الاسلحة المعتمدة وتوافقها مع الاتفاقيات الدولية وتوجيهات الاممالمتحدة لاستعمال الاسلحة.