قلّل علي العريض وزير الداخلية من أهمية لجوء قوات الأمن إلى ما بات يعرف بسلاح «الرش» للدفاع عن مقرات السيادة ومكافحة الشغب، وهو السلاح الذي استعمل بكثافة ضد المحتجين في أحداث سليانة. وقال أمس، خلال القائه محاضرة حول اصلاح المنظومة الأمنية.. من الثورة إلى الانتقال الديمقراطي" نظمها مركز الاسلام والديمقراطية،: "من السهل أن يتعاطف الناس مع المحتجين.. لكن دورنا أن نقوم بواجبنا وسنتحمل المسؤولية من أجل مصلحة المجموعة". وهيمنت أحداث سليانة الأخيرة وما رافقها من تعامل أمني والعدد الكبير للضحايا وتعطل اصلاح المنظومة الأمنية.. على أجواء ما بعد المحاضرة التي واكبها عدد كبير من السياسيين والمفكرين والإعلاميين والحقوقيين. وأوضح علي العريض اجابة عن سؤال توجه به بعض الحاضرين عن قانونية استعمال سلاح الرش لتفريق المتظاهرين، أن قوات الأمن اضطرت لاستعمال الرش حين أصبح التهديد أخطر على المقر الذي يحرسونه. وقال: "يذهب في اعتقاد البعض ان الأمن متعطش لضرب الناس لكنه مضطر إلى الدفاع عن نفسه وعن المقر بوجود خطر محدق.." وعن مدى قانونية استعمال سلاح «الرش»، أوضح العريض ان جهاز الأمن لديه بروتوكول يلتزم به للتدرج في استعمال السلاح في حالات الشغب حسب الحالات وتأتي استعمال الأسلحة النارية في آخر طور. وعن سلاح «الرش» قال إنه خضع للدراسة قبل استخدامه، فهو لا يقتل حسب اعتقاده ولديه خصائص تبعد الناس وأثبت نجاعته لكنه خلف أضرار.» حسب قوله. قبل ان يضيف: "حين سمعت بالأضرار التي خلفها هذا السلاح طالبت بوقف استعماله.." مشيرا إلى الوزارة بصدد تقييم خطورة استعماله، لكن بين في ما يتعلق بمدى تحريمه دوليا من عدمه أن بعض المنظمات الدولية والدول تجيز استعماله فيم تمنعه دول أخرى. وأشار إلى أن رجال الأمن حموا المسيرات في سليانة بطلب من النقابيين أنفسهم، وقال:» ليس لنا أية عداوة مع أحد لدينا مشكلة مع العنف.» وأضاف: «اهالي سليانة مبجلين مكرمين ساهموا في الثورة ومن حقهم المطالبة بالتنمية ولكن مشكلتنا مع من يمارس العنف».. معترفا بامكانية حصول تجاوزات لكنه قال إنها قليلة. واجابة عن سؤال تعلق بماهية الأطراف التي يتهمها بالوقوف وراء تأجيج الوضع في سليانة وفي مناطق أخرى، قال: "أنا وزير داخلية لم أوجه تهمة اجرام ضد أحد، قلت كل الأطراف التي ترفع شعار»الصدام حتى يسقط النظام» ومن دافع عن كل من يحرق ويخرب ويسرق على أساس أنه بريئ وتعطي غطاءا للإجرام وتساهم في جزء من الارتباك الأمني الحاصل". وقال إن مسؤولية الوضع الأمني مرتبطة أيضا بوضوح الخيارات السياسية، والمؤسسات الدستورية، والتنمية.. كما نفى وزير الداخلية وجود تنصت على اتصالات المواطنين، لكنه أشار إلى أن التنصت موجود لكنه مقنن ولا يتم الا بعد أخذ اذن قضائي في الغرض. تحديات الإصلاح وكان العريض قد استعرض في محاضرته، ما اسماها ب"التحديات" التي تعترض اصلاح المنظومة الأمنية. وقال إن دول الربيع العربي التي عرفت ثورات ضد أنظمة الاستبداد تعرف صعوبات في تأمين الانتقال الديمقراطي من وضع الاستبداد إلى وضع مسار البناء الديمقراطي سياسيا، وتنمويا، وامنيا. ملاحظا ان جميع تلك الدول خرجت من ثورتها منهكة خاصة من الناحية الأمنية. وفسر العريض وجود حالة من الافلات الأمني وعدم الاستقرار بسبب صعوبة التوفيق بين مستوى ضبط الأمن وتوفير الاستقرار في لحظة تزايد الطلب على الأمن. زيادة على انهيار المنظومة الأمنية وفقدان الكثير من وسائل عملها ومن معنوياتها.. وقال إنه يصعب التوفيق بين اصلاح المنظومة الأمنية وتلبية الحاجيات الأمنية اليومية الملحة. إذ لا يمكن تأمين مهمة الإصلاح والتطوير وضبط الأمن في وضع انفلات أمني يتطلب محاربة الجريمة المنظمة، وتوفير الاستقرار الأمني، وقال :» الجمع بينهما صعب لكن لا خيار". وأكد أن اصلاح المنظومة الأمنية يحتاج إلى وقت وإلى مراعاة الوضع الواقع المحلي والاقليمي والدولي، وإلى التدرج في بلورة مشاريع الإصلاح حتى لا يحصل الارتباك في مرحلة نحتاج فيها أن نكون المؤسسة الأمنية موحدة وفاعلة. مجالات الإصلاح وعن مجالات الإصلاح، أشار الوزير إلى ضرورة تشبع رجل الأمن بالرسالة الأمنية والتي تحتاج بدورها إلى تربية واقتناع..ودسترة الأمن من حيث التنصيص على رسالة الأمن حتى تصبح المرجع تستلهم منه القوانين والسياسيات والخطط، ثم تأهيل سلك الأمن.. مفيدا أنه تم قطع خطوات متقدمة في هذا المجال. أما المجال الثاني فأشار إلى ضرورة الإصلاح القانوني والهيكلي للمؤسسة الأمنية في ظل وجود نقابات أمنية التي تحتاج ايضا إلى التأهيل حتى تكون قادرة على التأطير والرعاية الاجتماعية. وشدد على أهمية تنفيذ اصلاحات هيكلية على غرار وضع وزارة الداخلية في اطار من الشفافية أمام المواطنين..ومراجعة قانون 1969 المتعلق بالتجمهر.. وكشف عن وجود عدد من مشاريع القوانين في هذا الاتجاه بصدد الإعداد والدراسة سيتم تقديمها للنقاش والمصادقة سواء أمام المجلس التأسيسي الحالي او أمام البرلمان المقبل. كما تحدث العريض عن ضرورة اصلاح منظومة الانتداب والتكوين والتدريب، وتكريس علاقة جديدة مع بقية القطاعات وتغيير صورة الأمن، واصلاح البنية الأساسية وتطوير وسائل العمل. جدير بالذكر ان وزير الداخلية لم يجد الوقت الكافي للرد على سيل كبير من الأسئلة توجه بها عدد من الحاضرين طغت عليها أحداث سليانة، وتباطئ اصلاح المنظومة الأمنية، وتطهير أجهزة الأمن من الفاسدين، والكشف عن البوليس السياسي، والتنصت على المكالمات الهاتفية..